Posts

Showing posts from June, 2011

الشخصي والعام

شاهدت منذ يومين، بل كنت مشاركاً في اجتماع كان الهدف منه تأديبي، وتأديب قلة مندسة، انتخبها المجموع لترعى مصالحه، فما كان منهم (القلة) إلا أن تطاولوا على الرئيس، وحاولوا نزعه سلطاته المغتصبة خارج إطار اللوائح والقوانين، بل وتجرأت القلة المندسة على المساس بأوضاع مختلة، وغير عادلة يتمكن فيها الرئيس من منح مقربيه ومحظيته ميزات يكتسب بها سطوة في القلوب، وحباً من الجماهير. وفي الاجتماع، وفي آلية الحشد التي اتبعها الرئيس ظهرت في الأفق مفاهيم مثل "احترام الكبير" و"التطاول على القيم الفنية الراسخة" و"انهيار الكيان" واختفت مفاهيم "المصلحة العليا" و"المال العام" و"العمل"، وتركزت القضية في شخص الرئيس، وعدم جواز المساس به، تحت أي ظرف من الظروف. وكان السلاح الأعتى والأكثر خطورة الذي امتلكه الرئيس إما من خلال تكتيك استراتيجي منظم، أو ذكاء اجتماعي فطري لامع (لا أعلم!) هو: فرق تسد ، حيث كان المجموع في حالتنا يعتمد على ميزات يغدق بها الرئيس بين الحين والآخر على ذلك الفرد أو ذاك، وتنازلات في إطارات تتسع أو تضيق وفقاً لأهمية الفرد في مجتمع ال

مثلية الوزير

طالما كرهت الرجال المتشبثين بقطار الزمن المتحرك في اتجاه واحد بحتمية لاينكرها إلا جاحد غبي، لعلهم يظنون أن شعرهم الفاحم المصبوغ بصبغات فرنسية باهظة الثمن يجعل الجماهير تصدق أنهم شباب للأبد... وبنفس كيفية ظهور التنين حسني مبارك عشية الأول من فبراير، كي يستثير عاطفة الشعب المصري الطيب العظيم، الذي تؤثر فيه الصورة والكلمة، قرر وزير الثقافة السابق فاروق حسني، وبعدما تأكد من براءته أمام أجهزة الدولة القضائية، أن يظهر نفس الظهور العاطفي الصادق(أن يتحدث حديث القلوب – الكلمة المفضلة للرئيس المخلوع)، ويفتح قلبه للقارئ والمشاهد والمتصفح، ومع كل كلمة كان يقولها كان ضغط دمي يرتفع، ولم أدري إلا وأنا أبدأ الكتابة عنه وعن الوزارة حيث أنني كنت شاهد عيان على بعض الإنجازات، التي تحدث عنها معالي الوزير السابق. يقول سيادته أنه نأى بالثقافة والمثقفين، ويعتبر نفسه واحد منهم (وله كامل الحق في ذلك)، عن الحزب، فقد خاف عليهم من التدجين، وما فعل ذلك إلا احتراماً للثقافة والحرية (يا ضنايا!)، ذلك أنه لا ينبغى للكاتب أن ينتمى إلى حزب، أى حزب. مكان المثقف الدائم على يسار السلطة (والنبي يا جدعان اللي عنده شمسية

جليد صنع الله

Image
من السطر الأول، ومن الكلمة الأولى لرواية "الجليد"، نبحر مع صنع الله إبراهيم نحو حالة حنين حبيسة في جغرافيا لم تعد موجودة (حيث تفكك الإتحاد السوفييتي الذي كان يمثل سدس مساحة الكرة الأرضية، وتفككت معه أحلام وآمال الملايين من البشر، بصرف النظر عن انتمائهم للأيديولوجية الشيوعية)، وتاريخ شخصي وعام ارتبط فيه شح المواد الغذائية، والنكهة المميزة للحياة السوفييتية آنذاك، والطابع الدعائي الشيوعي وتباين رد الفعل تجاهه بحرب فييتنام، وحرب السادس من أكتوبر، وبواكير خطة السادات في التنازل عن جميع أوراق اللعبة لأمريكا. خليط مدهش من الجنسيات، والأعراق، والرؤى، يجتمعون جميعاً حول قنينة فودكا، وبعض المزات الغريبة، يلتقون في أماكن غير تقليدية، في مدن جامعية، أو في منازل مستأجرة بشكل غير قانوني خلسة بعيداً عن أعين السلطة، أو في وسائل النقل العام، التي يصف لنا فيها صنع الله ابراهيم المزاج العام للشعب السوفييتي، ويصف في ذات الوقت أنماط بشرية غريبة عنا وجدت هناك في السفينة الضخمة التي لم يعد لها وجود (الإتحاد السوفييتي)، وفي اللحظة التاريخية الفاصلة (1973)، خليط مميز من الطلبة القادمين من أمريكا الل

ثمانين مليون لحية

في أتوبيس هيئة النقل العام الأحمر الجديد المتجه إلى ميدان عبد المنعم رياض، صعدت فتاة محجبة تلبس ملابس طبيعية   بيضاء اللون يمكن أن تراها في أي مكان في شوارع مصر، لم يكن البنطلون مثيراً ولكنه كان أبيض اللون وبدت من خلاله خطوط السيقان، ولم تكن الألوان فاقعة، ولم يكن "البودي" ملتصقاً بجسدها، لم يكن هناك شيء مميز سوى أنها فتاة تبلغ من العمر حوالى العشرون عاماً، وارتدت ما تظن أنه جميل، وما تظن أنه يليق بقناعاتها ومبادئها ورؤيتها لنفسها وللعالم من حولها. تابعتها بأعين قلقة فتاة أخرى ارتدت ملابس فضفاضة زرقاء، وبدى من نظراتها أنها مقدمة على أمر جلل. لم يتضح ذلك الأمر إلا حينما جاءت الفتاة الزرقاء ووقفت إلى جانب الفتاة الأولى وخاطبتها وكأنها تقوم بتسويق منتج ما، ولكن واقع خطابها كان مختلفاً: -           متحجبة بقالك كتير -           يعني -           طيب يا أختي ما تبقيش تلبسي بنطلونات محزّقة كده -           طيب طيب طيب (قالتها الأخت صاحبة البنطلون، في عجالة وإهمال، ولم تكترث كثيراً بما قالت الأخرى، وأخذت تنظر في هاتفها المحمول) كنت أراقب المشهد من بدايته، وهممت بالتدخل، وطرح قضية رأي

المهنة: عازف بيانو

نكتة روسية بايخة: "أستاذ بيسأل الطلبة من باب التعارف: أبوك بيشتغل إيه ياد منك له؟ أحمد : مهندس أمجد : دكتور سميرة : مفتش في جنينة الحيوانات مسعود (وشه احمر جداً، ومحرج آخر حاجة): أنا الحقيقة والدي بيشتغل راقص استربتيز في بار للمثليين طبعاً الفصل كله وقع على روحه من الضحك، والعيال مابقتش عارفة تمسك نفسها. الأستاذ حاول يسكّت الفصل، وخد الواد على جنب وسأله بحنين أبوي: بجد يا مسعود أبوك بيشتغل في الاستربتيز؟ مسعود : لأ يا أستاذ، الحقيقة أبويا بيشتغل عازف ترومبون في الأوركسترا بس اتكسفت أقول للفصل." إنتهت النكتة الأستاذ فضل موظف المرور سألني عن مهنتي علشان مش عارف يقراها في البطاقة، وساعتها افتكرت النكتة وكنت عاوز أجاوب نفس إجابة مسعود، بس قلت يا واد الدعابة الروسي ممكن ماتبقاش في محلها...فاضطريت أرد عليه بصراحة: -بيانيست فطبعاً الراجل لما سمع الكلمة بلع ريقه بامتعاض زي ما يكون سمع كلمة قبيحة، أو حد جاب له سيرة ثورة 25 يناير، اللي هوه طبعاً بيكرهها، وبيكره المظاهرات، وبيكره ميدان التحرير وكل الشوارع المؤدية إليه أو خارجة منه. لحظات صمت متوترة، ولقيت إني لازم أوضّح للأستاذ فض

ثورة التحرير

Image
كانت مفاجأة كبيرة للنظام السابق أن يتمكن الغوغاء – الرعاع – الشعب من الحفاظ على النظام والأمن دون الحاجة إلى أغواتهم وأسواطهم، لطالما دشن النظام المخلوع نظرية العين الحمراء، وأهدر مليارات الدولة على أجهزة وأدوات ومخططات لنزع الإرادة من كل مصري قد يفكر يوماً في أن يمتلكها. فالإرادة كما ظنوا لابد وأن تكون للفرد الواحد الأحد رأس النظام، وحوله الحاشية ترفل في نعيم العطايا والمنح، ويدور الشعب – الرعاع – الغوغاء في ساقية العمل والعرق والدم يروون أرض الوطن بدماء وعرق لا يعرف رائحتها أي من الأغوات أو النخبة الحاكمة. وفي غمار المعركة (بين السلطة والشعب)، وإيماناً من مفكري النظام بأن النخبة تحتاج إلى النظرية والفكر والفن والثقافة، تم استئناس عدد من المفكرين والمثقفين والكتبة، وإدخالهم إلى حظيرة النعيم، ودشن أولئك نظريات وآليات تؤكد على شرعية التوريث، بل وضرورته، وضرورة التمسك بالحزب الحاكم الأوحد الوحيد ورسموا صوراً لواقع مزيف لحياة لم نعرفها يوماً. وفي أثناء ذلك كان المصري يدور ويدور، ويتهالك، ويفقد كل أمل ومعه يفقد كل خصائص الإنسانية، وتتحول الطرقات والأسواق وأماكن العمل إلى ساحات تدمير، يد

النسبي والمطلق

قضية مصطفى حسين.... http://www.shorouknews.com/ContentData.aspx?ID=472348 "..تهمة الإساءة إلى الرموز الإسلامية والسنن المثبتة عن النبي....يسخرون بشكل واضح من اللحية والنقاب والجلابية وزبيبة الصلاة...." استوقفتني تلك الكلمات لمغزاها العميق، فتلخيص الفكر في المادة، وتلخيص الدين في أشخاص وجماعات أمر في منتهى الخطورة، وينتحي بالدين الإسلامي (الذي تعتمد فكرته الأساسية على التخلص من الرمز والوسيط) عن فكره الأساسي، ويفتح باب الفرقة والتناحر والهبوط بالرسالة من علياء الأخلاق والمبادئ والقيم إلى حضيض الذات والمادة والمصلحة. فقد تعامل السادة المحامون، وتعاملت الدعوة السلفية مع "الرموز الإسلامية" المتلخصة في اللحية والنقاب والجلابية وزبيبة الصلاة، بوصفها ثوابت، وهو أمر يعني أن الحليق شخص لا يتحلى برمز الإسلام، وهو شخص أقل إيماناً من الملتحي، ويعني أيضاً أن النقاب والجلابية (وهي منسوجات مصنوعة في الصين عادة!!!) هي مسوغات الإيمان والطعن فيها بمثابة الطعن في جوهر العقيدة "الإسلامية"، وهو ما يعني أن الإسلام هو السلفية، والسلفية هي الجلابية والنقاب واللحية وزبيب

بيان الداخلية - في ذكرى خالد سعيد

من كام شهر الدكتور مصطفى الفقي في حديثه للمصري اليوم عن مستقبل الرئاسة في مصر قال بالحرف الواحد إن لياقة السيد الرئيس البدنية والذهنية حالياً في أفضل أوضاعها، مافيش شهرين وحياتك والريس عمل المرارة في ألمانيا وبعدين قعد في شرم الشيخ للنقاهة والفيلم اللي احنا عارفينه ده...وكأن القدر كان مخبي للدكتور إجابة عن إرهاصاته بشأن لياقة فخامة الرئيس...ربنا يخلي لنا الاتنين الفقي ومبارك... بس يا ترى الدكتور كان فعلاً مصدق الكلام اللي بيقوله، ولا الحزب ملقنه اكليشيهات لازم يدلدقها ف أي وسائل إعلام بيتكلم فيها؟ بس ساعتها الحقيقة الإفيه كان كوول، دمه يلطش...ابتسمت وأنا باقرا كلام الديناصورات اللي ما بقاش أي حد تاني بيقوله في الدنيا غير عندنا ف منطقة الشرق الأوسط (حتى بعض الدول الشقيقة ربنا رضي عنها، والديناصورات وثقافتها اندثرت من عندها، وبقوا بتكلموا عادي زي البشر).. بس المفجع الحقيقة والمثير للغثاء والقرف هو صورة وزير الداخلية أيام لما كان لسة متخرج جديد من كلية الشرطة (وده أنا ممكن أفهمه، لأن معالي الوزير ما عندوش وقت يتصور، ولا بيحب الظهور الإعلامي ولا الأضواء) والبيان اللي نشرته الداخلية بش

سبق صحفي

http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=428323 رئيس الوزراء عصام شرف استبدل "صباح الخير" ب"السلام عليكم" في منتدى البطيخ الدولي لتقميع الباميا، وعبر عن سعادته الغامرة بكلمة "عليكم" أكثر من أي شيء آخر، نظراً لتكور حرف "الميم" حول محور التكيف البؤري مع ذكور ديناصورات ما قبل الثورة. وهذا التحول الجذري العميق لدولة رئيس الوزراء، على حد تعبير الصحفي اللماح، المغوار، الجريء، الفذ، اللانهائي...سوف يؤثر على مؤشرات البورصة في هونج كونج، لأن أبو الليف المغني الشهير حينما غنى أغنيته الشهيرة "أنا مش خرونج، أنا كينج كونج" كان يعني بكينج كونج مدينة "هونج كونج"، وهي تورية ضمنية مبنية على النصب لضمير الغائب في محل جر خبر كان وأخواتها، لذلك فإن علاقة الكينج كونج، والهونج كونج، والسلام عليكم، وصباح الخير أو صباح النور (على أسوأ التقديرات والاحتمالات المتشائمة لإحصائيات صندوق النقد الدولي) هي علاقة طردية تتناسب مع زيادة إنتاج بذرة الكتان، وما يندرج تحته من زيوت وأصباغ تساهم بشكل أساسي في دفع عجلة الإنتاج المحلي، بغرض سد العجز في الميزانية، والا

أبوهريدي

أحمد أبو هريدي ساب الكفر من 25 سنة و سافر على بنها علشان يدرس بيانو في كونسيرفاتوار بنها، ما فلحش في البيانو و ابتدى يدرس قيادة أوركسترا... ما فيش 6-7 سنين و رجع لنا الكفر عاوز يشقلبه و يقلب كيانه، و مدير قصر الثقافة يحايل فيه و هو و لا هنا، و مدير المديرية في أشمون يترجاه و هو ما بيسمعش...وناس تتوسط، وناس تروح وناس تيجي...المهم سنة و التانية و بقى قائد أساسي في أوركسترا أبو حماده، و أول ما قعد على الكرسي هاتك يا تغيير و شقلباظات و جاب لنا مزيكاتية من بره الكفر و علّمنا الأدب و النظام و الحفلطة و كان لسانه زالف فالناس بقت تخاف منّه، مافيش 5 سنين و الأوركسترا بتاعنا سمعته جابت لحد مصر، و طلبوا مننا مرة نعزف في طهور إبن واحد وزير بس أبو هريدي راسه و ألف جزمة إلا و ماحناش رايحين، و قال لنا :"فيه فرق بين الآلاتيّة و الفنانين ...الفنان لازم يحترم فنه و مقامه إنما الآلاتي بيسرح في أي حته يدوا له فيها فلوس" و دي كانت أول مرّة الواحد يسمع فيها كلمة "فنان" دي، بس خدنا في نفسنا قلم و بطلنا نسرح...مافيش كام شهر و عزمونا نعزف في الأوبرا في مصر و ساعتها فهمنا كان قصده إيه. الم

مصطفى المسلماني - تمنيت لو كنت معنا

لسبب ما تذكرت مصطفى، لعلها المياه الجديدة التي أصبحت تجري في النهر، ووددت لو كان معنا فيشاركنا حماس الثورة، وقلق المجهول، وعذوبة الأمل....لعلها رسالة من عالم آخر...لا أدري! ولا يهم..المهم أنني تذكرته، وتذكرت معرضه الأخير ولقاءه الأخير..رحمة الله عليك يا أعز الأصدقاء "لقد شعرت أنه مقالٌ في تأبيني، كانت الكلمات عميقة مؤثرة حتى أنني بكيت من شدة التأثر "...مصطفى المسلماني متحدثاً منذ أيام عن مقال محمد المخزنجي في "البديل" عن معرضه الذي أقيم مؤخراً . إنها عادة الفنانين الملهمين حينما تتراءى لهم النهاية فتخرج كلماتهم وأعمالهم صادقة عميقة معبرة عن مزيج من حالة الحنين والتساؤلات الوجودية وعبث الهرولة اليومية وراء الأحداث والمجريات..حينما دخلت معرضه الأخير (لكم تبدو تلك الكلمة قاسية وغريبة وكأنها جزء من دعابة سخيفة) انتابتني حالة رومانسية حالمة، كرستها الموسيقى التي اختارها لتصاحب معرضه، حالة من الحنين المتحرك بين الوسائط، بين الورق والقماش والكنبة وعجلة الطفولة وبيننا...لقد شاركنا مصطفى معه في تلك الحالة، لم يعتل منصة يعلمنا من عليائها كيف يكون العالم، لم يصعد على خشبة مس

صوت الفنان

"...كنت أعاني من الأرق، وكنت أنام قليلاً. ونصحني بعض الأصدقاء أن ألجأً إلى منوم مغناطيسي (وكانت تلك مهنة ممنوعة إبان الحكم السوفييتي)، وساعدوني في التوصل لأحد أفضل المنومين المغناطيسيين في موسكو، واتفقوا على ميعاد محدد سوف يزورني فيه. جاء المنوم المغناطيسي في موعده، واستقبلته، ودخل إلى بهو الشقة واتجه نحو أحد التحف، وسألني: "جميلة للغاية! من أين اشتريتها؟" وكانت إجابتي أنني اشتريتها من هونج كونج أثناء جولة فنية كنت أقوم بها هناك. فكان رد المنوم الموسيقى: "حسناً، أعتقد أنني اكتفيت بهذا القدر، أتركك الآن!!!" فشعرت بالحرج لأن الرجل جاء خصيصاً من أجلي، ولم يمكث سوى لحظات قليلة، وما كان مني إلا أن عرضت عليه نقوداً كنا قد اتفقنا عليها مسبقاً، وأخرجت عشر روبلات (وكان ذلك مبلغاً محترماً في ذلك الوقت)، لأفاجأ بأن الرجل يأخذها عن طيب خاطر، ويغادر المنزل...ليلتها نمت نوماً عميقاً، ولم يعاودني الأرق بعدها. بعد مرور عدد من السنوات تعرفت على الرجل مرة أخرى في ظروف مختلفة، ونشأت بيننا صداقة، وسألته ذات يوم، عما حدث في ذلك اليوم حينما جاء لمدة خمس دقائق، وتمكن من مساعدتي ع

عباس ابن أم حمادة

أم حمادة كسبت قضية النفقة من هنا وهاتك يا زغاريد وطبل وزمر، ونزلت الكفر عندنا بزفة اسكندراني من عيال الأوركسترا بتوع النحاس والطبل، حارة والتانية وراحت متكعبلة في البعيد أبوحمادة اللي كانت هتجيله نقطة من حكم المحكمة ووقفوا قصاد بعض وهاتك يا ردح...وكل واحد علق للتاني الغسيل الوسخ، والناس في أشمون عرفت كل حاجة عن تفاصيل حياتهم العائلية في الخناقة دي... أتابن موضوع الخناقة الواد عباس ابن أم حمادة الصغير، لأن الواد بعد ما رجع من دراسته في بنها أبوه كان عاوز ياخده قائد أساسي في الأوركسترا عنده بدل مرتديلا بن أم مديحة، وهي راسها وألف سيف ألا لازم الواد يشتغل في أوركسترا الحجرة بتاع بنها أكرم له، على أساس إن بنها برضه بندر، والواد ممكن يشوف حاله وربنا يكرمه هناك...سنة والتانية والراجل بطل يصرف على ابنه، والولية كانت بتبعت له فلوس من ورا أبوه، والواد عرف يقف على حيله ويبقى له إسم في بنها والمنصورة وكل المنطقة اللي حواليهم... راح أبوه شادد له مكتوب، وقال له: - يا ترجع يا أحرمك من الميراث يا بهيم الواد كلم أمه وسألها يعمل إيه فشارت عليه يرجع يعمل حفلتين في السنة مع الأوركسترا بتاع أبوه

موتسارت-يودينا-ستالين

مثلث الكونشيرتو رقم 23 "إن عالم ليوناردو هو عالم متواجد في نفس الوقت ونفس المكان في أكثر من ثقافة مختلفة وأكثر من وعي ذاتي وأكثر من شخصية مستقلة. إنه عالم متواجد في زماننا ومكاننا بنفس قدر الواقعية التي يتواجد بها في إيطاليا القرن الخامس عشر ومع ذلك فإن كل شخصياته تحتفظ بانتمائها للكون وتفردها في الوقت نفسه. إننا نمعن النظر في الجيوكندا ، بينما تمعن هي أيضاً النظر فينا. فبينما يقوم الكاتب بدراسة ليوناردو دا فينشي، يقوم ليوناردو دا فينشي بتغيير دارسه ومعيد تكوينه.إن كل من يبدأ قراءة هذا الكتاب بإمكانه أن يدخل هذا العالم من الخلق المتبادل للأفكار." (من مقدمة فاديم رابينوفيتش لكتاب "عالم ليوناردو"-يفجيني بوجات) يبدأ موتسارت في كتابة قداسه الجنائزي الشهير و هو يحس وكأنه يكتب قداساً جنائزياً لنفسه، فكرة حدسية نقلتها له هيئة الرسول الذي أُرسل إليه لتبليغه بالمهمة، أو لعلها فكرة انتابته من واقع مرضه في آونته الأخيرة أو قد تكون أول نغمات كتبها في ذلك القداس هي التي أوحت له بذلك، إن الطاقة المختزنة في ذلك العمل والظروف المحيطة بتأليفه هي ما أضفى عليه طابع الغموض و القد

قداس جنائزي لموتسارت

ليلة جديدة في ذلك القبو المعتم، في قلعة بعيدة، زماناً ومكاناً... ...سالييري وحيد مع حارسه الأبكم، يتلفع بالماضي البعيد الذي يرفض أن يفارقه. لقد أصبح ذلك الماضي جزءاً منه، طبقة من جلد سميك لا تنزعها أكثر الخناجر حدة، ولا تتمكن من إذابتها أي من المساحيق أو المحاليل الكيميائية...من قال أن الماء يمحو الدم؟ لايمحو الماء سوى أثر الدم فحسب، فالدم سريع النفاذ للداخل، وينفذ في اتجاه واحد ليتحد بدم القاتل، ويجري ويمرح في عقله وكيانه ووجوده كله، ولايبرحه سوى مع خروج الروح نفسها من ذلك الجسد اللآثم... أحياناً ما يصعب علينا معاندة أقدارنا، إنك تندفع نحو القدر اندفاع كرة الثلج نحو هوة سحيقة، كرة الثلج التي تكتسب إلى جانب القصور الذاتي كتلة أكبر ووزناً أثقل مع كل خطوة جديدة من الدحرجة نحو الأسفل، ومع أنك تعلم أنه الهلاك، إلا أنك تعجز لسبب ما عن التوقف، إنها هيستيريا اللذة، أي لذة...لذة السلطة، لذة المال، لذة الجنس بل ولذة القتل أحياناً. بل إن الصورة التي يرسمها لك خيالك المريض أو نصف أو ربع المريض تبدو عادلة لأقصى الحدود...فأي عدل هناك، حينما تختارك الآلهة لتكون لعبة للتسلية أو للعبرة في لحظة من ا