في رثاء أولجا يسى
لا زال صوتها يرنّ في ذاكرتي السمعية، حتى بعد أن امتلأت تلك الذاكرة بملايين النغمات الموسيقية التي كوّنت وتكوّن تاريخي الفني، وشخصيتي الموسيقية، لازلت أتذكّر تلك الكلمات القادمة من الجانب الآخر من شقتنا الكائنة بوسط المدينة، وهي تمسك بي متلبساً : - رمزي، لم أسمع شهقتك في بداية المازورة .. تذكّر يا حبيبي أن السكتة جزء من الموسيقى لا صمت عاطل كانت تتحدث وقتها عن اختراعات باخ ذات الصوتين، وكنا قد بدأناها سوياً لتونا، بعد انتهائنا من عدة مقطوعات من مجلد " آنا ماجدلينا " ليوهان سيباستيان باخ، لا زلت أذكر الحصة الأولى، وهي تشهق بصوت عال في بداية المازورة كي تؤكّد لى أن الموسيقى لا تبدأ من النصف الثاني للضلع الأول حيث توجد النغمة الأولى، بل تبدأ من النصف الأول للضلع الأول مباشرة، حيث توجد السكتة، التي نضع بدلاً عنها تلك الشهقة المسموعة . لقد مرت عشرات السنوات، قبل أن أفهم ذلك الدرس العميق حينما درست مع أستاذي الروسي في كونسيرڤاتوار موسكو، كان علي أن أسمع ملايين النغمات، وأقرأ ملايين الكلمات، وأمر بعشرات التجارب، حتى يتسنّى لي بعد تلك السنوات أن أعود لتلك اللحظات ا...