وزير الثقافة وأغانيه الهابطة
لا
يزال الدكتور/ علاء عبد
العزيز وزير الثقافة الجديد مصراً على
أداء الأغنية الهابطة المكررة والمعادة
صباح مساء في شتى وسائل الإعلام حول
الانتهاكات التي استخدمها سيادته كذريعة
لإنهاء انتداب الدكتورة/ إيناس
عبد الدايم رئيس مجلس إدارة هيئة المركز
الثقافي القومي (دار
الأوبرا المصرية)، والمتمثلة
في إقامة عروض في مسارح تتسع لـ ٦٢٠ فرداً،
والتذاكر المباعة ٨ تذاكر (وقد
تفاوتت روايات عبد العزيز في عدد من وسائل
الإعلام حول نوعية العروض، وعدد التذاكر
المباعة، وعدد مقاعد المسرح!). كما
يثير الوزير المرفوض الشفقة بينما يدعي
أن معارضيه المعتصمين بمكتبه هم "أصحاب
المصالح" وفي أدبيات
الجماعة وصفحات الأخوان "أيتام
سوزان مبارك" و"صبية
فاروق حسني"، ويثير
كذلك الرثاء وأحياناً السخرية حينما يصف
معارضيه في بعض الحوارات بإنهم ليسوا سوى
قامات "محلية"
لا ترقى إلى "ماركيز".
ويستمر
الوزير على الرغم من كل المعوقات (على
حد تعبيره) في سعيه إلى
"التطهير"،
و"ضخ دماء جديدة"
والخروج من القاهرة إلى
المحافظات ويشن حرباً ضروس ضد الفساد
والمصالح والمحسوبية من خلال موقعه الجديد
في حكومة هشام قنديل (التي
يفترض أن نصدق أنها حكومة نزيهة شفافة
تسعى إلى نفس ما يسعى إليه الوزير)،
ومن خلال حزبه الإسلامي الصغير تحت
التأسيس، والمسمى "حزب
التوحيد العربي"، ومن
خلال مشاركته في مسيرة نصرة القدس من
رابعة العدوية إلى نصب الجندي المجهول،
مع قيادات جماعة الأخوان المسلمين، حينما
أعلن سيادته أن هدفه أن تكون القدس عاصمة
لفلسطين (ويعلم الله خططه
الجهنمية للوصول إلى ذلك الهدف الذي نود
جميعاً أن نشاركه في الوصول إليه!)،
وفي مؤتمر نصرة سوريا حينما أعلن ولي
نعمته ورئيسه المرسي عن قطع العلاقات مع
النظام السوري، وفتح باب الجهاد (بما
يطرح ذلك من تساؤلات حول الجهاد ورؤية
معالي وزير الثقافة لمعنى الجهاد كمفردة
جديدة في ثقافة جمهورية مصر العربية التي
جاء سيادته لينفذها!! كما
يطرح تساؤلات أخرى حول شعوره كقيادي في
حزب "التوحيد العربي"
بينما يقطع النظام الذي ينتمي
إليه علاقاته مع الجمهورية "العربية"
السورية مبقياً على سفارة
الكيان الإسرائيلي مفتوحة، وعلاقتنا
بالدولة الإسرائيلية الغاصبة على خير ما
يرام!) ثم تنتهي حوارات
الوزير عادة نهايات دراماتيكية رومانسية
بأن "مصر ليست عقيم"،
أو "أنا وزير للثقافة
المصرية ولست وزيراً للمثقفين المصريين"
(متهكماً على النخب الثقافية
"المحلية" التي
تعتصم في مكتبه)، أو مثلما
انتهى حواره مع رويترز بأنه مع الاعتصام
والاحتجاج، ولكنه لا يحب الكذب.
أقول
أن عين الكذب هو ما يفعل الدكتور/ علاء
عبد العزيز، ذلك أن تمسكه برواية الفشل
في الأوبرا من خلال حفل لم يحضره سوى
ثمانية، مع أنه قد يكون محقاً في حديثه
حول هذا الحفل، ليس سوى قطرة في بحر متغيرات
أوسع وأشمل، نناقشها وننقدها داخل الأوبرا
وخارجها، ويكفي أن نعرف أن الموسم الماضي
في دار الأوبرا كان يشمل حوالى٧٠٠ (سبعمئة)
حفل بين فرق محلية، وفرق دولية،
وموسيقى عربية، وموسيقى كلاسيكية وباليه،
وأوبرا ورقص معاصر وندوات وصالونات
وأمسيات ثقافية ومعارض فنون تشكيلية.
وذلك ما يحدث في قطاع واحد فقط
يشتبك معالي الوزير مع القائمة عليه
لتصفية حسابات شخصية، فلماذا لم يخرج
علينا الوزير إذن ويخبرنا عن خططه خلاف
تصريحاته بشأن حفل الأوبرا ذو الست أو
الثمان تذاكر، وعن الموظف الذي يخاف على
خمسة عشر جنيهاً يمكن أن تخصم له (وهي
أيضاً حقيقة، والموظف بالتأكيد على حق
في حياة كريمة، وعدل اجتماعي يشمله إلي
جانب زملاءه في كافة قطاعات الدولة)،
فلماذا لا يخبرنا وزير الثقافة عن تصوراته
بشأن الموسيقى الكلاسيكية في مصر، ورؤيته
لمستقبل أوركسترا القاهرة السيمفوني،
وفرقة باليه القاهرة، وفرقة أوبرا القاهرة،
وفرقة الرقص المعاصر، وفرق الموسيقى
العربية الخمسة، وموسيقى الچاز، لماذا
لا يخبرنا وزير الثقافة السينمائي عن
رؤيته لنشر الثقافة السينمائية بين جمهور
الأوبرا، عن ندوات سينمائية، ودورات
للتدريب على المهارات المختلفة، لماذا
لا يخبرنا عن العلاقة بين دار الأوبرا
وقصور الثقافة، والعلاقة بين دار الأوبرا
ووزارة التربية والتعليم، بين دار الأوبرا
والمجلس الأعلى للجامعات، عن تدريس التذوق
الموسيقي والفني في المدارس والجامعات
المصرية، عن العلاقة بين القطاع الخاص
ودار الأوبرا المصرية. ثم
لماذا يبخل علينا وزير الثقافة بنفحات
حكمته ولا يخبرنا عن رؤيته للأوبرا
الجديدة، والموسم الفني الجديد. ثم
ليخبرنا بدلاً من حديث المصاطب، والعجائز،
عن رؤيته لمحاضرات التاريخ المصري في
مراكز الإبداع، وتنمية المهارات والحرف
في مراكز الإبداع التابعة لصندوق التنمية
الثقافية، وعن دور وزارة الثقافة في تنمية
المجتمع في القاهرة التاريخية، ودور
الوزارة في استقطاب الفنيين والعاطلين
إلى المراكز الفنية المنتشرة عبر قاهرة
المعز، والتي صرفت عليها الوزارة من كد
وعرق المصريين اعترافاً منها ومنهم بقيمة
التاريخ، وضرورة امتزاجه بالحاضر، ودور
ذلك في تعزيز الانتماء، وتشكيل الهوية
القومية. ثم فليخبرنا
سيادة الوزير عن نواياه بشأن قصر المانسترلي
على سبيل المثال لا الحصر (سلاملك
القصر الأحمر الموجود بجانب مقياس النيل،
والذي يقع حالياً بجانب متحف أم كلثوم!)
وهل ينتوي سيادته ترميمه بعد
أن تشققت الأسقف، وأضحت ألوانه باهتة،
وما خطط معالي الوزير بالنسبة لإعادة
هيكلة الوزارة، المجلس الأعلى للثقافة،
وبعيداً عن الهرتلة الفارغة حول تغيير
مشروع مكتبة الأسرة لمكتبة الثورة، فما
هي المعايير التي ينتوي سيادة الوزير
اتباعها في النشر داخل الوزارة، وما
المعايير التي ينتوي سيادته اتباعها في
المركز القومي للترجمة، ماهي الخطط
للعلاقات الثقافية الخارجية؟ ما خطط
الوزير بالنسبة للمسرح القومي، وبالنسبة
للفنون التشكيلية، وبالنسبة للفن المعاصر؟!
لا
مانع لدينا من تغيير جميع قيادات الوزارة،
ولا مانع من الإتيان بكل من يراهم الوزير
قادرون على تنفيذ خططه إذا كانت هناك
خطط!! لكن في ظل انعدام تلك
الخطط بشكل كامل، والحديث الحنجوري
الثوري المبهم عن الحق والحرية والعدالة
والسعادة والجمال، والصاق الاتهامات
السياسية، والأوصاف العاطفية، وابتزاز
مشاعر البسطاء من الموظفين بعدالة لن تتم
سوى بإرادة سياسية، والإرادة السياسية
لا يعنيها الشعب أو الدولة بل يعنيها
التمكين ولا شئ غيره، وفي ظل تكرار سمج
لأغان هابطة عن "الثورة"
و "التطهير"
و"الدماء
الجديدة"، لا تزن كلمات
الوزير مقدار ذرة من المسئولية، ولا
يتعامل معه المجتمع، أو حتى المراقبون
في الخارج ممن يدلي إليهم بأحاديثه الصحفية
العابثة بأي قدر من الجدية، شأنه في ذلك
شأن ولي نعمته ورئيسه الذي يفتح صدره،
ويرفع صوته، ويزأر بغثاء لا يؤثر سوى في
الأهل والعشيرة والجماعة، بينما ينظر
إليه العالم كمهرج أخرق يخرج عن النص،
تحولت السخرية المضحكة منه إلى غضب وطوفان
يهدد وجوده وأمن بلاده!
Comments
Post a Comment