Posts

Showing posts from June, 2012

إنسانية المواطن المصري

حينما وقعت أحداث مجلس الوزراء، التقيت صدفة بالدكتور والكاتب الرائع محمد المخزنجي، وفي حديث عابر على مدار دقيقتين قال لي: "أتعرف ما أدهشني فيما حدث؟ شيئان: إنها نزعة العنف الوحشية لدى الجندي البسيط أمام أخيه المواطن الأعزل، والتجاهل والاستساغة العامة للعنف الذي يجري بدعوى أن ما يحدث بعيد، أو أنه مستحق، أو أنه صراع لا ناقة لنا به ولا جمل، وتلك قيم جديدة على مجتمعنا" أتفقت وقتها تماماً مع رأي الكاتب الجميل، واستعدته أثناء قراءتي لقصة ناتاشا سميث التي اعتدي عليها في ميدان التحرير، من قبل الغوغاء، وتم تعريتها بالكامل، والتعدي عليها، في وسط تجاهل تام، وعجز كامل عن السيطرة على الوضع من قبل الراغبين في المساعدة، والذين كانوا يظهرون من حين لآخر وفقاً لروايتها. أولاً: أصدق الرواية تماماً لأنها حدثت لأحدى صديقاتنا من النشطاء، وحدثت بنفس الآلية، ونفس العنف، بل وتعدى الخاطفون على ضابط شرطة حاول تخليص الفتاة من براثنهم، واضطر الضابط لإطلاق النار في الهواء لتفريقهم. ثانياً: حاولت دائماً أن أخفف من هول الصورة، ومن قسوة المجتمع المتفسخ الذي أصبحنا نعيش فيه، حتى أحس بأن الأمل

لحظة ضعف

كيف ومتى وجد نفسه في ذلك الدرك الأسفل، لا يذكر...كيف حدثت تلك الكارثة؟ لا يذكر...إنها ساعات قليلة تفصله عن أعلى مراتب الفضيلة والتبتل والتقوى والخشوع...بل قل إنها ساعات تفصله عن أعلى مراتب السياسة والإعلام ...كيف يغير الله حال الإنسان بين طرفة عين وانتباهتها ..هو ذاك السؤال الذي يبدو أنه سيتعرف على إجابته في الساعات القليلة القادمة ساعات قليلة ويستيقظ أإبنه الوحيد على كارثة مدوية، فضيحة مرعبة تهز أركان بيته وعائلته وقريته، وقد تهز أركان جماعته السلفية التي ائتمنته على أمانة فرّط فيها، وربما يمتد أثرها لأجزاء أبعد من الوطن الذي أقسم أن يعمل في خدمته بما لا يخالف شرع الله. ساعات قليلة ويستيقظ معاذ إبنه وتلبسه أمه زيه المدرسي في طريقه إلى امتحانات نهاية العام الدراسي..سوف يحتضنه اليوم أقوى من أي يوم مضى، لقد خانه قبل أن يخون أمه. قد يبرر خيانة زوجته باكتنازها المفاجئ وعدم اهتمامها به، وارتباطها بأمواله وشهرته أكثر من خوفها عليه وحبها له. ولكن ما ذنب الطفل البرئ، ما ذنبه أن يصحو على الخيانة والغدر، وتلوكه الألسن طوال حياته بأنه إبن ذلك النائب عن الحزب السلفي الذي وجدوه متلبساً ف

أغنية الإنسان

Image
حينما تدرك المرأة من قبيلة الأوبونتو أنها حبلى تذهب بصحبة النساء إلي الغابة للصلاة والتأمل حتى يسمعن داخلهن " أغنية  الطفل". وحينما يولد الطفل تجتمع القبيلة ويغنون سوياً "أغنية الطفل". يشرع الطفل في التعلّم فتجتمع القبيلة ويغنون له"أغنيته" وحينما يبلغ ثم يتزوج تجتمع القبيلة وتغني له أغنيته. ونهايةً ففي وداع روحه تجتمع العائلة والأصدقاء ويودعونه إلى رحلته الأخيرة بغناء أغنيته كما استقبلوه صغيراً بغنائها. في قبيلة الأوبونتو هناك مناسبة أخرى حينما يغني الرجل أغنيته. حينما يرتكب جريمة ما، في حق مجتمعه، فإن القبيلة تصحبه إلى مكان في وسط القرية ويلتفون حوله في دائرة يغنون "أغنيته"، فالقبيلة تعرف أن علاج التشوه المجتمعي لا يكون بالعقاب، وإنما بالحب، ولا يكون سوى بتذكر ما كانت عليه الفطرة الأولى لشخصية الإنسان. فنحن حينما نتذكر "أغنيتنا" تختفي لدينا أي رغبة في أن نؤذي العالم من حولنا. إن أصدقائك يعرفون أغنيتك. ويغنونها لك حينما تنساها. فمن يحبّك لا تخدعهم أخطاؤك، أو بعض هناتك التي قد تبدو للآخرين. إنهم يتذكرون جمالك