الحلقة الثالثة - تابع



شرطي المنطقة

3

المهم بقى في المرة دي وأنا رايح أمريكا من 3-4 سنين، وإذا بسلطات المطار توقفني، فيه إيه؟ ليه؟ عملت إيه؟ قالوا لي حضرتك تروح الصالة اللي هنااااك دي. دخلت الصالة لقيتها مليانة ناس، واللي نايم واللي قاعد، واللي تحس إنه بقاله عالحال دي شوية حلوين (ما تفهمش بقى 3-4 ساعات، ولا يومين تلاتة!)، نهايته لقيت القعدة ممكن تطول طلعت التليفون وقلت أبعت رسالة لصاحبي فيليب اللي جاي مخصوص يستقبلني، أقول له لو اتأخرت عن 40 دقيقة ولا حاجة ما يستنانيش، هاتصرف وأروح أنا لوحدي.
لقيت الضابط بيقول لي: لو ما دخلتش التليفون ده ف جيبك حالا، هاصادره. بلهجة آمرة متعجرفة فيها كل الصلف وقلة الأدب وقلة الإنسانية الأمريكاني بتاعة سجن أبو غريب اللي على أصولها. وبدأ مسلسل الرعب. 
الترابيزة عليها 5 ضباط، وترابيزة طويلة، وكل واحد قاعد شغال على شوية ملفات، اللي يخلص ينده له، وما تعرفش بعد كده بيروحوا فين، وبيسيبوا ناس إمتى، واللي بياخدوهم، بياخدوهم على فين، واللي قاعدين مستنيين إيه. 
واحد ما تفهمش من باكستان أو من الهند أو حاجة زي كده، راجل كبير فوق الـ 65 مثلا، الضابط سأله مش عارف عن إيه، وراح قايل له طلع محفظتك. راح الراجل يا عيني طلع محفظته، والضابط قعد يدور فيها كده وشششش.. من غير إحم ولا دستور، مرحبا بكم في أرض الديمقراطية والحرية لكل البشر. صباح الفل.
ساعتها فكرت في فكرة ما رجعتليش غير الشهر اللي فات بعد ما الفيسبوك اتقفل.
دلوقتي لو الشباب الحلو الضباط الأمريكان دول قرروا إني إرهابي لأي سبب من الأسباب، ورحلوني لجوانتانامو، هيبقى إيه العمل؟
الإجابة: ولا حاجة. 
هاروح باشا محترم معزز مكرم لجوانتانامو، والحاجة الوحيدة اللي ممكن سفارة بلدي تعملها إنها تبلغ المخابرات العامة أو مباحث أمن الدولة علشان يتلقفوني لو في يوم من الأيام أمريكا قررت إني برئ، وأفرجت عني ورحلتني لمصر. 
لأ.. بجد!
لو الناس دي قررت لسبب ما ترحلني لأي حتة، هاروح لمين؟ للأمم المتحدة؟ ما هم مدورين مجلس الأمن وعندهم حق الفيتو.. لهيومان رايتس ووتش؟؟ وهو هيومان رايتس ووتش هتعرف طريقك منين أصلا. توصلت ساعتها لإن أمريكا بلطجي، له قواعد أي نعم، ومحترم، وقوانين، وتشريعات عظيمة ومبهرة ومدهشة، بس لو أي حاجة في النظام مشيت غلط، ولبست تبقى وقعت في إيد البلطجي، والبلطجي ما بيرحمش. 
قعدت وأنا في الصالة دي أفتكر العراق، وأفغانستان، ويوغوسلافيا.. وأقول: وهو يعني الناس اللي اتقتلت هناك دي "كان إيه اللي وداها هناك؟!"، وهو أنا أحسن منهم في إيه؟ ناس غلابة قاعدة في حالها، لا ليها في الطور ولا في الطحين، ولا مع صدام ولا مع بلا أزرق، الطيارات والدبابات طلعت عليهم ودهست بيوتهم وحياتهم من غير ذرة رحمة ولا إنسانية.
لما فكرت كده، خفت.. لأول مرة حقيقي أخاف على "مستقبلي" وعلى إبني اللي مستنيني أرجع بعد 5 أيام للدنمارك، وقلت: زمانه هيزعل قوي عليا.. بالذات لما الأمريكان يلزقوا عليا أي ختم على مزاجهم، بصرف النظر عن أي حاجة في الدنيا! 
الحمدلله ما حصلش حاجة. بس قعدت في الصالة دي زهاء ساعة و45 دقيقة في الدولة اللي دايرة على بلاد العالم "تنشر الديمقراطية والحرية".
بعد ما الملف بتاعي جه، وخلصت الليلة سألت الضابط: "إيه السبب؟" قال لي تشابه أسماء، طيب فيه حاجة ممكن أعملها علشان الموضوع ده ما يتكررش تاني؟
لأ..
عاجبك عاجبك. مش عاجبك ما تجيش.

4
هو ده بالضبط اللي حصل مع حسابي على فيسبوك!
أنا دخلت على الفيسبوك من 2007، أول ما طلع.. ومن ساعتها وأنا ما سبتوش، وعمري ما قفلت الحساب ولو ليوم واحد. في الفترة الآخرانية حياتي على الفيسبوك بقت زحمة جدا، بعد ما اشتغلت في روسيا اليوم، لإني بقيت بادير صفحة المنوعات على الفيسبوك، وكله بقى يدخل في بعضه، أترجم مقال للموقع أشيره عندي، أشير حاجات على صفحة المنوعات، اشتغل واكلم أصحابي، وأكلم عيلتي.. كنت واقعيا كإني ما سبتش مصر.. كل الحكاية بس هو إني ما اقدرش أنزل أقعد على قهوة البستان وألعب طاولة مع الشباب هناك، عدا ذلك يا مواطن، أنا حرفيا كنت في مصر.. ليه؟
لإن كل اللي أنا متابعهم ومتابعيني موجودين في الشارع وحوالين كل الأحداث اللي بتحصل في مصر، علشان كده كنت باعرف أول واحد عن حاجات بتحصل في مصر وأنا قاعد في موسكو. وكتير من الأخبار اللي كتبت عنها حتى للقناة، كانت من على الفيسبوك. 
الفيسبوك له إيقاع، ونبض.. بتقدر تحس من الخبر إذا كان هيشتغل، ولا مش هيشتغل.. حقيقي ولا فياسكو، المصدر شكله عامل إزاي، مين اللي كاتب، ومين اللي مشير، وإمتى وليه وإزاي.
قوووم يا معلم في لحظة خاينة، وف عز ما الواحد مآمن للأخ تسوكيربرغ، كل ده اتمسح في لحظة، إما لحين أو للأبد. خلاص ما بقتش تفرق.

5
بس اللي فكرني بحادثة أمريكا بقى، هو إنك هترجع لمين؟ ما حدش بيرد عليا من الفيسبوك؟ طيب هتروح لمين؟ ولا حد.. همه شايفين إنك انتهكت القواعد، وإنت خلاص بقيت برا اللعبة.. اللي حط قواعدها الأمريكاني .. هو اللي بيحط القواعد، وهو اللي بيقرر مين يطرده، ومين يخليه، ومين يحبسه، ومين يضربه بالنار أو بالدبابابة، ومين يبيع له الإف-35، ومين ما يبيعلوش، ومين يقف وراه حتى ولو قتال قتلى، ومين يأدبه حتى لو زين الشباب.. 
هي دي أمريكا يا عبلة.. ببساطة شديدة جدا، عاجبك عاجبك، مش عاجبك ما تشتريش.
حد كان قال لك تآمن لها؟ حد كان ضربك على إيدك وقال لك تآمن لفيسبوك؟ 
ما حدش.. 
إنت اللي رحت برجلك لحد هناك.. وهو من حقه يعمل اللي هو عايزه فيك. 
وهمه بالفعل بيعملوا اللي همه عايزين فينا.. الأمريكان أقصد. وممشيين العالم على سياسة "القطب الواحد" إلى أن يثبت عكس ذلك، ومقضينها بلطجة إشي على الصين، وإشي على إيران، وإشي على تركيا.. حتى تركيا الحليف في الناتو، ما عجبهومش إزاي يشتروا من الروس إس-400، راحوا قالبين عليها، وإزاي يربوها علشان ما يصحش تعمل كده.
نهايته.. للحديث بقية، حبيت بس أخلص الحلقة الثالثة النهارده.

Comments

Popular posts from this blog

سوسن

الفيسبوك - الحلقة الثانية

حكاية حمادة