إيجار الطبلية


مش عارف ليه حاسس إن اللي بتعملوه ده كيميا، وإن ما حدش قبليكم ولا بعديكم ممكن أبداً أبداً وحتماً ومطلقاً يعمله، محسسيني إن أمور القيادة والإدارة دي سر من أسرار الفضاء، سر من أسرار الكون، سر إلهي نادر الحدوث مش ممكن حد أبداً يقدر يفهمه غير قلة قيادية ملهمة، قاعدين على طبلية في الدور الفوقاني.

هباب البرك اللي قبليكم كان برضه محسسني بكده، أو يمكن هوه اللي لسه قاعد على نفسنا لحد النهارده، وإنتوامجرد زعما اعتياديين قاعدين معاه على الطبلية، زعما بحسبة  قعدة الطبلية، واللمة، والشلة الحلوة..فلان كان مع فلان في كلية كذا، وعلان إبن عم ترتان اللي كان مع العقيد طبيب صيدلي مهندس مقاتل آلي/ علي فاضل في سلاح الكنافة بتاع أبوحمادة...وهكذا دواليك لحد ما لمينا مجلس ما يخرش الميه...كلنا إيد واحدة يا بهجت!

الخصلة دي عجيبة ومبهرة في نفس الوقت، وواصلة لحد قاع المجتمع المصري على فكرة..كنت أعرف واحد بينفخ كاوتش في محطة البنزين اللي جنب بيتنا، كان كل ما يظبط الكاوتش، لازم يخلص العملية بإنه يقول لي (زي ما بيقول لكل الزباين طول اليوم): "على فكرة ظبت لك الكاوتش ظبطة ما حدش يقدر يظبطها في عموم الجمهورية، على فكرة أنا كنت باشتغل في بنزينة موبيل اللي في الخليفة المأمون، بس اتخانقت معاهم علشان ما بيفهموش"، وكذا مرة يسالني: "إنت ظبطت الكاوتش ده فين آخر مرة؟"..."أصل اللي ظبتهولك حمار، مخلي لك العجل اللي ورا 28 واللي قدام 30، أصل ظبطة الكاوتش دي يا بيه حرفنة، مش أي حد، لعلمك أنا بقالي في المهنة دي عشر سنين، وإيدي تحسس عالكاوتشة تعرف الخرم فين من غير بانيو"...

تركب مع سواق تاكسي فيقعد يشتكي لك من ناظر المدرسة اللي هوه بيشتغل فيها الصبح، لأن هوه لوحده اللي فاهم ومفروض هوه طبعاً يقعد مكانه تمهيداً لأنه يبقى مدير منطقة تعليمية وبعدين وزير تعليم.

تروح لميكانيكي يسألك:

-          مين اللي غيّر لك البوجيهات دي آخر مرة

-          واحد في الحلمية

-          الله الوكيل البعيد عيل ميكانيكي عجلات معفن، فيه حد يقرّط على البوجيهات بالمنظر ده يا بيه؟ وبعدين تيل الفرامل مش مريح على الطنبورة، وده مش كويس على نعومة السطح المعدني..."

 الميكانيكي هوه راخر حاسس إنه يمتلك حقيقة مطلقة وكان مفروض يبقى وزير صناعة...

وده طبعاً غير لما تطلع شويتين وتتكعبل في مدير إدارة، يحاول يوري لك إن اللي هوه بيعمله ده، والبرامج اللي بيقعد يفت فيها، والاتفاقات الخزعبلية اللي هوه بيعملها مع الإدارات التانية، دي حاجة من قبيل المستحيل، وماحدش تاني يقدر يعملها...ومافيش له بديل...

ويا سلام لو ربنا كرمك وقعدت مع وزير من الفلول الجميلة اللي طلعوا أيماناتنا، يحسسك إن مصر ما جابتش، ولا هتجيب قبله ولا بعده، واللي هوه بيعمله ده حاجة كده من قبيل المعجزات وكرامات الأوليا...زي تكييفات نظيف اللي كانت بتدل على إن الشعب المصري ابتدا يشعر برخاء السياسات الاقتصادية الجديدة..

بنفس الكيفية مجلس طبلية الكنافة محسسنا إن كل اللي بيدور فوق ده من علم الغيب، ومش المفروض أي حد، ولا أي هيئة أو مؤسسة أو حزب أو دكتور جامعة أو عالم يسأل عنه...لأن ده والعياذ بالله حاجة بتمس "الأمن القومي" وطبعاً أول ما يقول لك الكلمة دي لازم تبص وراك، وعلى جنابك لحسن يكون حد من الشياطين سمعك وإنت بتقول الكلمة القبيحة دي...لأن أي حد بينطق الكلمة دي معناها "خلاص كده يا معلم، قفل على الليلة !! ديلك في اسنانك وروح اتدفا تحت اللحاف قبل ما تروح هناك، ويعملوا لك لقطة (على رأي صديقي العزيز ناجي الشناوي)"

وكفاية إن أي حد بيشهد أي شهادة أو يقول أي تصريح، يروح موطّي حسه، وقايل لك على جنب كده "أصل ده بيمس الأمن القومي" تقوم إنت ساعتها تبلع جزمة وتسكت، وتاخد طبق الكشري اللي بيديهولك وإنت ساكت، وما تقعدش تاخد وتدي في الكلام كتير مع الجرسون اللي جايب لك طبق التقلية نصه فاضي.

وطبعاً مع كل أسرار الكون الموجودة حوالين الطبلية، إحنا قاعدين بنلعب ونهلس، ودماغتنا أصلاً واكلها الدود، وما ينفعش نتكلم لا في السياسية ولا في المجتمع ولا في الشغل ولا في الشر بره وبعيد الأمن القومي، لأن دي تخصصات نادرة موجودة عند خمستاشر ستاشر واحد بس، أصغر واحد فيهم عنده تمانين سنة.

الظاهر إن مصر وأمنها القومي المفروض إنها تتدفن مع الكوادر الحالية، على أساس إنهم جايبينها معاهم، وهمه اللي مأجرينها وسايبين البطاقة، ولازم يردوها علشان ياخدوا الرهن..

طيب قولوا لنا الرهن كام، وإحنا ندفعه، ونكمل احنا...

Comments

Post a Comment

Popular posts from this blog

سوسن

الفيسبوك - الحلقة الثانية

حكاية حمادة