ثلاث مكالمات..




-١-

بعد عودتنا من ألمانيا "الغربية" آنذاك في إطار رحلة للتبادل الثقافي بين شباب الجامعات، قابلتها في مكان دراستها، الجامعة الأمريكية في القاهرة.. كان موضوع لقاءنا الموسيقى، تعرفت على إمكانياتي الموسيقية أثناء رحلتنا، وعرضت علي أن أشاركها العزف في أغنية لعمار الشريعي: "نفسي أنا.. أصرخ بحس عالي، على شمسنا.. وأقول لها تعالي..هاتي بكره أحن من أمسنا"، قابلتها مرتين وكنت أحس في كل مرة أن شيئاً ما يتحرك داخلي تجاهها، وكانت هي ضحوكة، ترسل في ضحكاتها بعض الغمزات، أظنها من فرط سذاجتي إعجاباً. لم تكن تعاود الاتصال بي حينما أكلمها، تغيب يومين أو ثلاث ثم تتصل لتطلب اللقاء لعمل بروڤة، غير ذلك لم تكن هناك علاقة تذكر..

في يوم من الأيام، تواعدنا على اللقاء في بهو قاعة إيوارت، لقاء عادي، جاء بمبادرة مني..هل كنت أستعد لمصارحتها بإعجابي ذلك الصباح؟ لا أذكر، لقد تراكمت على ذلك اليوم أحداث كثيرة، ولم تعد تلك التفصيلة من ضمن ما يهم العقل فيمسك به ويعظمه حتى لا يمر من ثقوب "منخل" الذاكرة. كل ما هنالك أنها لم تأت ذلك الصباح، ولم أرها وقتها.

غضبت بشدة لما حدث، وأقسمت أنني لن أتصل بها مرة أخرى، بل إنني لن أعاود العزف معها أبداً. .بعد مرور يومين عاودني الحنين للاتصال بها والاطمئنان عليها، وقبل أن أدير قرص الاتصال، رأيت القمر من نافذة الصالة في منزلنا، وقد انحسر الستار عنه، فبدا بهياً كاملاً منفرداً في سماء ليلية صافية. فكرت ساعتها فيما يمكن أن تحمله هذه المكالمة من رومانسية، فكرت في أن أعترف لها ليلتها بإعجابي الشديد لها، وليكن ما يكون..أدرت القرص، وسمعت أصواتاً مسرحية شديدة الغرابة، بدا وكأنني اتصلت في وقت غير مناسب، في الخلفية دار شريط قرآن لا محل له من الإعراب، ترددت وأنا أسأل عنها: "شيرين موجودة؟"، بالطبع لا مكان لشيرين في ذلك الصخب الذي يصاحبه قرآن وكأنه مقهى شعبي. شيرين تقطن الزمالك، والزمالك هادئة، ولم أصادف يوماً كلمتها فيه أياً من ذلك الصخب. كذلك فقد جاءت الإجابة مقتضبة جادة صارمة، لا تحتمل أي تأويل، كلمات مقتضبة حادة لا تحمل عواطف، مجرد معلومات، العواطف اتضح أنها في الخلفية التي أنكرتها منذ قليل: "شيرين ماتت في حادثة يا ابني"...

لا يفارقني الانطباع الأول بأن شيئاً ما قد حدث بالخطأ، صدفة كونية، لعلي اتصلت بالرقم الخطأ، ولكن هل تكون هناك "شيرين" أخرى بالمصادفة؟ كانت المرة الأولى التي أتلقى فيها خبراً من هذا النوع، هل أنا أحلم؟ هل هناك خطأ ما خاص باللغة العربية، ولم أفهم الكلمات على نحو صحيح؟ هل هي مزحة من نوع سخيف؟ الناس لا يمزحون في الموت! هكذا أعرف.
كنت في العشرين من عمري..وكانت شيرين في الثامنة عشر، ولا يجب أن يحدث ذلك، لا يمكن أن يموت الإنسان في الثامنة عشر، كيف؟ ولماذا؟ إننا لا زلنا في ريعان الشباب، ويجب أن نعيش..."يجب"!! هكذا كنت أفكر.. "يجب"، دون أن أسأل "ما الذي أوجبه؟ ومن أين جاء ذلك اليقين؟"، إن انطباعنا عن الموت أنه دائماً بعيد، وربما مستحيل أحياناً، إنه يحدث هناك، للآخر..واقترابه منّا ليس سوى كارثة تضع أمام أعيننا حقيقة فظيعة، هي التي ترعبنا أكثر من الفراق نفسه، ألا وهي أنه من الممكن أن "أكون أنا!".. كان من الممكن جداً أن تكون رحلة المجهول من نصيبي لا من نصيبها..

آلمني صدري ألماً جسدياً لا نفسياً، بينما هرعت إلى والدتي، وأضئت نور الغرفة، وكانت نائمة، فتحت عينيها، وسألتني عمّا حدث، فأجبتها: "شيرين ماتت". وبكيت بكاءً مصطنعاً، كنت وكأنني أعصره عصراً كي يخرج، كان رد الفعل السينمائي يفرض علي البكاء فرضاً، هكذا علمتنا الأفلام، لابد من البكاء حينما تسمع أو تلقي خبر الموت..لكنني لم أحس بمعنى الحدث مثلما أحسه الآن، تحديداً بعدما أصبحت أباً، ودخلت بحر الدنيا الحقيقية، وأصبحت أفكر لا في شيرين، ورحلتها إلى المجهول، بل أصبحت أفكر في والديها، ورحلتهما خلال "المعلوم"، خلال "اليقين" الذي تبدى لهما ولأخيها الوحيد في تلك الساعات حائطاً منيعاً يفصل عنهم أعز شخص لديهم.

في العزاء، كان أخوها منهاراً، ولم يتمكن من التوقف عن البكاء، وكان والدها متهالكاً، وكأنما ضربه القدر في أكثر المواضع حساسية وضعفاً، بكى بعد أصدقائنا المشتركة، من باب الرعب، أو من باب الخوف من المجهول الذي اخترقته الصديقة، أو من باب المجاملة وإبداء الشاعرية والإحساس المرهف، حاولت البكاء مرة أخرى، ولم أتمكن..سوف يكون علي أن أخوض حياة كاملة حتى أحاول أن أفهم الكيمياء المبهمة لتلك اللحظات...حاولت كتابة موسيقى في ذكراها، ولم أتمكن. كتبت نثراً تافهاً ولم يكتمل. مرت بضعة أسابيع، ونسيت الحدث برمته، لكن أمرين بقيا في ذاكرتي، ولم يمحهما الزمن أبداً، منحدر كوبري ٦ أكتوبر إلى الزمالك، الذي اختلت عليه عجلة القيادة من شيرين، والشجرة المقدسة التي اصطدمت بها، فأردتها قتيلة في ظرف دقائق. لا يبارحني المشهد، ولا تبارحني الذكرى..

-٢-

التقيت بصديقي فيليب عازف التشيللو الأمريكي الذي يدرس معي في كونسيرڤاتوار لينينجراد عند مخرج محطة المترو "ڤاسيلياستروڤسكايا" غير بعيد عن مكان إقامتي، اشترينا زجاجتي خمر من أحد الأكشاك المتناثرة حول محطة المترو، العام ١٩٩٢ وروسيا يلتسين تموج بتقلبات سياسية واقتصادية تجعل من محطات المترو، وما حولها بؤرة ملونة مدهشة مليئة بكل أنواع الأشياء: من تجارة الخمور المضروبة، إلى تجارة المخدرات، تجارة العملة، مدمني الخمور، جامعي الزجاجات الفارغة، أكشاك الشاورما حديثة الاكتشاف بالنسبة للمجتمع الروسي الخارج لتوه من قمقم الحكم السوڤيتي.

السبب في الزجاجتين أننا ذاهبان إلي حفل في بيت أحد أصدقائنا الفنانين التشكيليين أوليج وإيرينا، بمناسبة عيد ميلاد أحدهما، ذهبنا إلى هناك، واجتمع عدد كبير من أصدقائهم من‎ شعراء وفناني المدينة الرائعة على نهر النيڤا، والتي سوف تتحول في ظرف عام من ذلك التاريخ إلى بطرسبرغ الإسم القديم. التقينا الجميع، وكنا نعرف معظمهم، والتقينا بأولجا مصممة الأزياء الجذابة والموهوبة للغاية، شئ ما يجذبني دائماً إلى عينيها، شرارة ما تلمع، نحس بها تجاه بعضنا البعض، صافحتني واحتضتني في حميمية، وصافحت فيليب هو الآخر واحتضنته، تقابلنا جميعاً من قبل..كان بصحبتها فتى إيطالي يحمل إسم عائلة مميز "كليمينتي" (عرفنا بعدها أنه ينتمي لعائلة المؤلف الإيطالي الشهير كليمينتي، والشارع الذي يسكن فيه يحمل إسم عائلة جد جدوده المؤلف الإيطالي المعروف)، دارت الكؤوس والرقص، وكان ذلك في أثناء بداية الليالي البيضاء، حيث الليل القطبي، وتظل الشمس تدور في سماء المدينة زهاء الأربع والعشرين ساعة، نهار مستمر...

راقصت أولجا، بعد غضب صاحبها الإيطالي ورحيله في مشهد درامي مؤثر بينهما، وفوجئت بفيليب يغضب للغاية، ويتهمني بأنني أراقص أي أنثى يقع اختياره عليها، وأنني عرفت من نظراته أنها تعجبه، فانطلقت انافسه عليها..لم ألق بالاً لذلك العبث، وخرجنا جميعاً إلى النهر بعد منتصف الليل، تمشينا جميعاً بمحاذاة النهر أمام أكاديمية الفنون، المبنى الفخم الذي يقع مباشرة على ضفاف نهر النيڤا، وأمامه تمثالين لأبي الهول أهداهما خديوي مصر لقيصر روسيا في زمن بعيد. أمسكت بيدها، وتمشينا كثيراً تلك الليلة، كانت ليلة صيف تسبق رحيلي إلى القاهرة لأجازة الصيف، عرضت عليها أن تبيت ليلتها عندي، ووافقت، وكانت الليلة بأكملها كحلم صيف رائع قصير، في الصباح أعددت طعاماً للإفطار، وأخبرتني أنها تمر بأوقات صعبة في علاقتها بالإيطالي، وأنهم منفصلين منذ فترة، وأن ما يحدث هي حالة الشد والجذب الشهيرة فيما بعد الانفصال مباشرة، وأنها غير مستعدة لعلاقة جادة الآن، لكنها لا تمانع في أن نتقابل في المستقبل بعد عودتي من القاهرة.

من القاهرة أرسلت لها خطاباً عاطفياً ملئ بالحماسة والأمل، وتوقعت أن نتقابل بمجرد عودتي إلى لينينجراد، لكنني علمت من أصدقائنا بعد عودتي أنها عادت لصديقها الإيطالي، وأنهم يجهزون للسفر إلى إيطاليا في أقرب فرصة. حزنت لضياع تلك العلاقة..

مرت الأيام، ونسيت أولجا، وبينما كنت في القاهرة بعد ذلك بسنتين حادثني فيليب من أمريكا، وأخبرني أن أصدقاء في بطرسبرغ أخبروه أن أولجا قد ماتت!! عاودتني نفس المشاعر القديمة التي انتابتني في المكالمة الأولى حينما علمت بموت شيرين، نفس البلادة، وتأخر الفهم، والشك في كل الأشياء قبل مواجهة اليقين الأوضح في تلك الحياة، بالطبع أخذت أستوضح منه أننا نتحدث عن نفس الـ"أولجا"، أو أنه متأكد من مصادره، أو أنها طريقته للانتقام من مبيتها معي تلك الليلة..منتهى العبث!

وضعت سماعة التليفون، وبدأت أجتر المعلومة، كانت معلومة مختلفة لأن ذلك الشخص قد ارتبطت به بعلاقة أكثر حميمية من شيرين، كذلك فقد كان سبب الوفاة عبثياً للغاية، كانت في نزهة على خليج فنلندا في بطرسبرغ، ودخل في قدمها مسمار، استخرجته، فترك في دمها أثراً مميتاً، شخصه الأطباء خطأً، ولم يعالجه أحد، وماتت في ظرف أسبوعين..

الآن بعد مرور عشرين عاماً، يبدو السبب مضحكاً، لكنني قرأت وقتها بريداً إلكترونياً مأساوياً أرسلته إحدى صديقاتها تتحدث عن الزيارات المكوكية للمستشفيات، والأطباء، والتحاليل.. وعن الأطباء الذين "قتلوها" بإهمالهم وعدم اكتراثهم.
رحلت أولجا، لكنني احتفظت بيدها الممسكة بيدي على ضفاف نهر النيڤا في تلك الليلة الرومانسية الحالمة من ليالي لينينجراد البيضاء، واحتفظت بابتسامتها الودودة المؤثرة، التي لم تفارقني بعدها.

-٣-

مع مرور الوقت، وبعد مرور عشرين عاماً على المكالمة الثانية التي نعت لي وفاة "أولجا"، ظننت أنني اكتسبت حكمة تمنع حاجبي من الارتفاع دهشة لأشد الأخبار غرابة، خاصة أنني مررت بوفاة والدي، ثم ثورة وميدان وشهداء عرفت ورأيت بعضاً منهم، ظننت كذلك أن مكالمة ثالثة ورابعة وخامسة لن تدهشني مثلما كنت أندهش في السابق، لكن القدر فيما يبدو لازال مصراً أن يؤكد على أن الحياة ستظل مدهشة حتى الثانية الأخيرة التي يدق فيها قلبي دقته الأخيرة، بل إن المكالمة الثالثة كانت هي السبب الرئيسي في كتابتي اليوم عن تلك المكالمات الثلاث، حيث كانت أكثرهم تأثيراً، وأكثرهم إيلاماً، مع أنني لم أكن مرتبطاً بذلك الشخص على الإطلاق، إلا أنه توجد فيما يبدو صلات روحانية أعلى من قدرة الإنسان على الرؤية والتحليل.

قابلت "تي. چي" منذ أربع سنوات بوصفه الأمريكي الوحيد الذي يتحدث اللهجة المصرية بطلاقة متميزة، إلى جانب ابتعاده عن اللكنة الكليشيه التي تصاحب الأمريكان حينما يتحدثون بأي لغة، بدا لي "تي چي" شخصاً خفيف الظل، قابلته في وسط البلد أحياناً، في الحفلات أحياناً، قابلته قبل الثورة وبعدها، كان من الشخصيات المألوفة شكلاً وموضوعاً، ومع أن علاقتنا لم تكن تتعدي الثلاث أو أربع جمل في العادة، إلا أن علاقتنا كانت تتميز بألفة غريبة، وكان لـ"تي چي" ابتسامة صافية إيجابية مميزة، وقدرة على نطق بعض التعبيرات المصرية تماماً كما ننطقها...
  • "مايسترو! صباح الفل..
  • صباح الجمال
  • عندي ليك أخبار مش ولابد
  • خير
  • "تي چي" تعيش إنت"

وبطبيعة الحال، لم تستمع أذني جيداً إلى الكلمة الأخيرة التي قالها صديقنا المشترك، وظننت كالعادة أن الخط سئ، والشبكة ضعيفة، أو أنني لم أنتبه جيداً لما يقوله، أو أنني عاجز عن فهم ما يعنيه تعبير "تعيش إنت"، ثم استنكرت كالعادة بتلك الأسئلة التافهة التي عادة ما نسألها ظناً منّا أنها سوف تساعدنا على فهم الحياة: كيف؟ متى؟ لماذا؟ فتجئ الإجابات أكثر عبثاً من الأسئلة، جلطة دماغية أصابته منذ ستة أشهر (لم يتم "تي چي" الثلاثة والثلاثين عاماً بعد!)، فتعافى، ثم جلطة أخرى، واتضح أنه مولود بورم بين فصي المخ، والعملية لا تحتمل النجاح سوى بنسبة ٥٠٪، وغير مضمونة العواقب على الإطلاق، شهر في غيبوبة، ونزعوا عنه الأجهزة صباح اليوم...كانت تلك الإجابة عن السؤال بكيف؟؟ وكأن أحداً كان يسألني متهكماً في تلك اللحظة: "هل أجابت تلك المعلومات عن استفساراتك؟"...فتجد نفسك أمام سؤال أكثر عبثاً: لماذا؟ لماذا تي چي؟ لماذا الآن؟ فلا تجد سوى الفراغ والعبث إجابة... هو هكذا! الآن وهنا وهذا، وغداً في مكان تجهله أنت..هل هناك ما تود أن تضيفه؟

إنه خيط رفيع نتعلق به، يمكن لجرثومة نعجز عن رؤيتها، أو ورم في حجم عقلة الأصبع، أو خلل لا يمكن متابعته بأدق الميكروسكوبات في العالم، أن يقطعه في جزئ بسيط من الثانية، فتتحول كل مشاكلنا والتزاماتنا وصياحنا وعراكنا وأنانيتنا وتسلطنا وغضبنا وعنفواننا إلى لا شئ، مجرد جثة هامدة يجب الإسراع بالتخلص منها قبل أن تدنس الهواء بعفنها ورائحتها...
لم تعد شيرين، أو أولجا، أو تي چي من رحلتهم الأخيرة، ولم يعد أحداً في السابق من تلك المغامرة المجهولة الأكيدة التي نخوضها في اتجاه واحد مرة واحدة، بينما تعج الكتب ويمتلئ العالم بالتفسيرات والشروح وتفاصيل التفاصيل عن تلك الرحلة الملهمة، التي ألهبت خيال الفلاسفة والفنانين والمنظرين، بل جعلت من البعض ينصب نفسه مالكاً للحقيقة المطلقة يدافع عنها ضد كل "الكفار" ممن لا يؤمنون بما آمن به، في محاولة لبسط رؤيته عن هذا العالم، والعالم الآخر..

رحلت تلك الزهور اليانعة في أوج وهجها، وبقي صخب الحياة، ونفير السيارات، ورغبة سائق الميكروباص في أن يفرض سيطرته بالقوة على الشارع، ونظرة متجهمة غاضبة لملتحٍ بزبيبة ملء وجهه متأكد أنه سوف يمتلك العالم، وطموح مسئول سياسي ساذج يتحدث عن خطة خمسية لنهضة يعلم أنها وهمية، ومرض ضابط شرطة يتمسك بأهداب سلطة وهمية مصطنعاً القوة والكاريزما... فتفكر في داخلك:

هل يعرف هؤلاء أن خبر وفاتهم هو كلمة واحدة، في مكالمة عابرة، لا تستغرق أكثر من دقيقة واحدة، وسط أمواج حياة قلقة قصيرة، تبدو لنا وكأنها عمر بأكمله؟!


Comments

  1. مبسوط انك لسة بتكتب....

    ReplyDelete

Post a Comment

Popular posts from this blog

سوسن

الفيسبوك - الحلقة الثانية

حكاية حمادة