سليم أشقر.. فلسطيني ولا إسرائيلي؟




السؤال ده على بساطته، شايل جواه أصل الصراع العربي الإسرائيلي..

هاشرح لك..
المشكلة الحقيقية يا منعم إنك لما بتكبر في السن أطياف ما بين الألوان بتزيد عندك، وبتبتدي تشوف ألوان “بينية” ما كانتش موجودة من الأول، بمعنى إنك وإنت صغير بتبقى شايف الدنيا أبيض وأسود، بعدين لما بتكبر شوية الحياة بتعلمك إن بينهم فيه رمادي، لما بتعدي الأربعين، وبعدين الخمسين، بتكتشف “فجأة” إن غير الأبيض والأسود والرمادي اللي كانوا فالقينك بيهم طول الفترة اللي فاتت، فيه أحمر وأصفر وأزرق وذهبي وفضي، وهيصة ما لهاش سقف ولا قاع ولا جوانب، محيط من الألوان والأطياف، وفي أحيان كتير ما بتقدرش تميز الألوان كويس، وبتختلط عليك ألوان تانية.. شغلانة يعني.

1


سليم عبود أشقر أو سليم أبود أشكار زي ما الإسرائيليين بيحبوا “يأكدوا” على “هويته الإسرائيلية”، هو بيانيست مشهور، مشهور بمعنى مشهور يعني، زي ما بيحبوا عندنا ف مصر ساعات يدلعوا فنان كده، ويظبطوه قوم يقولوا عليه “عالمي”، أهوه ده بقى عالمي على أبوه، بمعنى إنه عزف في كل حتة في الدنيا، في كارنيغي، في لاسكالا، في فيلهارمونيا فيينا، في ألبيرت هول.. عزف طبعا مع دانييل بارينبويم (اللي هو ف مقام أبوه الروحي)، ومع ريكاردو شايي، وجاي بكره موسكو يعزف مع فلاديمير سبيفاكوف.. فين يوجعك يعني، بيانيست على حق ربنا.
شفت الأفيش بتاعه من أسبوع مع فلاديمير سبيفاكوف وأوركسترا “فيرتوزات موسكو” الشهير جدا، ولقيت جنب إسمه مكتوب بين قوسين “إسرائيل”، ما تفهمش ليه يا أخ منعم إتاخدت كده، وقلبي اتقبض.. وقعدت أسبوع أفكر في الموضوع ده.. إشمعنى إسرائيل؟ طب ليه مش “فلسطين”؟ ليه مش “إسرائيل-فلسطين” أو “فلسطين-إسرائيل”؟ هل هو اللي طلب؟ هل منظمين الحفلة همه اللي طلبوا علشان الجمهور وكده؟ وطيب هو إيه اللي حصل يعني؟ سليم أشقر.. إسرائيل، فيها إيه يعني؟ إيه اللي مزعلك؟ إن اسم عربي يتحط عليه كلمة إسرائيل؟ وهو أحسن منه أي لاعب في أي مناسبة عالمية لما بيرفض بإباء وشمم وشجاعة إنه يسلّم على الإسرائيلي، أو إنه يشترك في فيلم/بطولة/مهرجان لمجرد إن اسم إسرائيل كان موجود فيه؟ مين فيهم بيخدم القضية الفلسطينية أكتر؟ وبعدين إذا كنا بنتكلم عن رفض التطبيع، واللاعب/الفنان اللي بيقاطع ده رافض للتطبيع، فده حاجة تانية، ده واحد مواليد 1978، يعني اتولد في اللحظة اللي الأخ السادات كان بيبيع فيها القضية الفلسطينية مقابل 99٪ من أوراق اللعبة اللي على رأيه كانت/لا زالت في عب أمريكا. طيب هو (سليم) ذنبه إيه؟ ذنبه إنه فنان؟ بيانيست؟ بيعزف موسيقى كلاسيك؟
طيب وهو فين المؤسسات اللي بتعلم موسيقى كلاسيك عندنا في الوطن العربي، عددها لي كده، وقل لي بتعمل إيه، وبتطلع كام خريج، وقادرة تعمل إيه بالمقارنة باللي عمله سليم أشقر.. بلاش، قل لي حضرتك كام فنان موسيقى كلاسيكية في الوطن العربي، وإحنا عملنا بيهم وفيهم إيه، وبنتعامل معاهم إزاي، وشوف إسرائيل “الكخة” عملت إيه مع سليم أشقر، راح فين ودرس إيه، وبقى مين.. مش بس كده، عايزك والنبي تاخد بالك حتى على مستوى الفيديو والبصري حتى، شوف الفيديو الهزيل اللي معمول عن إسهام سليم في إحياء سوق شعبي في الناصرة، مركز ليوان الثقافي، شوف نوع البيانو، وشوف الصورة اللي مش ماشية مع الصوت وهو بيعزف، وشوف العرب (دول العرب الهاي لايف على فكرة بتوع 48 اللي عايشين جوا إسرائيل ومتعلمين كويس يعني!) وهمه فعليا بيحاولوا (ودي محاولة حقيقي جميلة، ويشكروا عليها جدا) إنهم يعتنوا بالثقافة، والفنون الرفيعة، ويلمّوا بعض علشان يحضروا “أمسية ريسيتال” على حد تعبير البرنامج لموسيقي كلاسيك.. وشوف البرنامج اللي معمول له بالعبري عنه وعن عيلته عامل إزاي (مهندس الصوت في الفيديو التاني برضك مش قد كده، والمصور برضك متأثر بالمسلسلات العربي وبلدي، بس أقلها جايبين له بيانو شكله عامل إزاي، وبيتكلموا إزاي) شوف ده وشوف حفلة سليم في أي حتة في الدنيا عاملة إزاي، وإنت تعرف إسرائيل عملت إيه لسليم أشقر، وإحنا كان ممكن نعمل له إيه.

بس برضك سيبك من كل الكلام ده، وهو سليم يعني كان متبري من ثقافته ولا من أصوله العربية؟ وبعدين يعني هو كان ذنبه إنه اتولد في الناصرة “الإسرائيلية” سنة 1978، ويعني هو اللي كان ضيع الأرض، ولا كان السبب في احتلالها؟ ما هو اتولد لقى الدنيا كده؟ كان هيفيد القضية الفلسطينية، والعالم أكتر لو خد كلاشينكوف وانضم لصفوف عز الدين القسام؟ مش تريقة على قد ما هو سؤال حقيقي.. ده راجل بيانيست، هويته في إسمه.. إسمه سليم عبود.. يعني يحط عليه الإسرائيليين اسم بلدهم، يكتبوا أبود، هو عبود.. خلصنا. فلسطيني فلسطيني، وشكله فلسطيني، وبيتكلم عربي.. 
الراجل في الإنترفيو بيقول لك الثقافة قبل السياسة، وإحنا اللي بنعمل التاريخ .. والحفلة اللي كان عاملها في السوق القديم للناصرة في مركز ليوان الثقافي كانت في أول أيام شهر رمضان.. فيه أكتر من كده هوية إيه؟

2



كنت باشتغل مع صديقي الجميل والعظيم رمزي يسى في حاجة اسمها المركز الدولي للموسيقى، تابع لصندوق التنمية الثقافية، ورمزي في سنة من السنين قرر يعزم سليم، وعملنا الأفيشات، وكتبنا فيما أتذكر “سليم الأشقر - فلسطين”، وكنا فرحانين بيه جدا، وكل الجمهور بتاعنا كان مستنيه، ولكن نظرا لإنه معاه باسبور إسرائيلي، وزارة الثقافة المصرية ممثلة في شخص أحد الإداريين القراريين، رفضوا بإباء وشمم إنهم يعملوا عقد مع مواطن “إسرائيلي”، بجواز سفر إسرائيلي.. يهديك يرضيك، طب نعمل العقد مع أي هباب، مع أي زفت، طب أكتب أنا العقد .. قال لك: مشكلة كبيرة مع النقابات الفنية، وقرار عدم التطبيع مع العدو الصهيوني، وياكلوا وشنا.. طب يا جدعان بلاش حكاية إنه فلسطيني، وإنه اسمه سليم وعبود، وأهلنا وناسنا يعني، نفترض إنه إسرائيلي، مش عندنا معاهدة سلام مع إسرائيل، وفيه مسؤولين رايحين جايين، وسفير إسرائيلي، ووفود بتروح وتيجي.. إشمعنى يعني جيتو على بيانيست كلاسيك جاي يعزف حفلة ويروح؟ وهو يعني بيتهوفن ولا موتسارت اللي هيعزفهم هيضروا القضية الفلسطينية في إيه؟ وهو حفلة زي كده هيحضرها كام نفر أصلا؟ هو الموسيقى الكلاسيك أصلا بيسمعها كام بني آدم يا عالم يا هوووه. بس ما حدش كان بيسمع. 
ساعتها فكرت ما بيني وما بين نفسي في المسكين سليم أشقر، والمعاناة اللي هو بيعانيها في الوطن العربي.. أكتر من معاناته الأصلية في إسرائيل.. طب واحد واتولد في مجتمع عرب 48، عايز يبقى بني آدم طبيعي، ويمارس حياته بشكل طبيعي، عايز القضية الفلسطينية أي نعم تبقى ف دمه وف عروقه، وعايز يدافع عن أرضه بس بشكل تاني، وهو بإيده إيه يعمله غير إنه يعزف؟ إنما العرب بيتعاملوا معاه على إنه إسرائيلي، والإسرائيليين بيتعاملوا معاه على إنه عربي.. ياااااه. شوف جمال القضية الفلسطينية في الوطن العربي بقى عامل إزاي؟ 
تعالى بقى أحكي لك الحكاية الأصلية.. 

3


الموظفة بتاعة صندوق التنمية الثقافية لا تعرف مين ياسر عرفات، ولا يعني إيه قضية فلسطينية، ولا خرا.. سوري يعني في الكلمة! كل الحكاية إنها في اللحظة التاريخية دي كانت ما بتحبش قوي يا إما المركز الدولي للموسيقى، يا إما رمزي يسى مثلا، يا إما العبد لله علشان تاتش إداري ما.. قوووم، ما صدقت لقت قضية تصفي فيها حسابات، وتسيبنا لحد ما نعمل الأفيشات، ونستف المسائل، وكل حاجة تبقى ألسطا، وتيجي في آخر لحظة تبوظ الحفلة.. نكاية كده ف أي حاجة أو أي حد. الموضوع لا له علاقة بقضية ولا بإسرائيلي ولا بتطبيع ولا أي هبل في الجبل.. الموضوع كله مصري مصري، وعربي عربي بالمناسبة السعيدة يعني. الموضوع تافه وعبيط وأهبل، والناس بتصفي حسابات شخصية، وبتستخدم القضية والتطبيع مجرد ركوبة تقضي بيها المصلحة. النتيجة إن سليم أشقر ما جاش، وجدوله اتبرجل من الحفلة اللي كان المفروض يعملها وما اتعملتش.. مش هتفرق ولا فرقت معاه، بس إحنا فرقت معانا. فرق معانا إننا ما قدرناش نسمع زميلنا العربي الفلسطيني اللي عايش على الأراضي الإسرائيلية لمجرد إن كان معاه جواز سفر إسرائيلي، وهو ما عرفش يطلع أي جواز سفر تاني لإنه اتولد على أرض محتلة، وهو ما بقاش فاهم يلاقيها منين ولا منين، واحنا ما بقيناش فاهمين مين العدو بالضبط؟ الورقة ولا الإنسان.. يعني ليه بنعادي فلسطيني لمجرد إنه شايل ورقة إسرائيلي، وبنحب إسرائيلي شايل ورقة عربي؟ بمعنى ليه اللي جوانا هو اللي بيعادينا أكتر من العدو الصهيوني ذات نفسه، هو اللي بيكرهنا في أخواتنا وف أهالينا وفي الفن وفي الثقافة، ليه؟.. هل لمجرد إنه بيطلع عقد أو بيصفي حسابات؟!

4


تعالى أحكي لك كمان حكاية أجمل وأجمل.. 
إدوارد سعيد العظيم والجميل معا ودانييل بارينبويم الموسيقي البارز المخضرم عملوا حاجة اسمها أوركسترا “ديوان الشرق والغرب” West-Eastern Divan، والأوركسترا ده وفقا لرؤيتهم كان بيضم موسيقيين عرب وإسرائيليين بيعزفوا سوا، تعبيرا عن إن الثقافة والفنون بتجمع البني آدمين، وبتخرج بيهم من حيز الحسابات السياسية الضيقة، وإن في النهاية من الممكن التوصل لحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، وحل الدولتين ممكن ووارد لو قدرنا نتخلص من التطرف على جانبي الصراع. والعرب اللي في الأوركسترا من الدول اللي بترتبط بمعاهدات سلام مع إسرائيل، أو من عرب 48، والأوركسترا لف ولا زال بيلف العالم كله، وبارينبويم أصلا عنده جواز سفر فلسطيني إلى جانب جواز السفر الإسرائيلي، ومتبني للقضية الفلسطينية، وحل الدولتين إلخ إلخ، وبعد ثورة 2011 في مصر راح غزة بموسيقيين من فيينا علشان يعزف هناك، ويسمع الموسيقيين، وما كانش ممكن يروح طبعا زي ما احنا عارفين، من غير موافقة حماس، بمعنى إنه على اتصال بفلسطينيين، ومش صهيوني متطرف ولا متعصب ولا أي حاجة من الكلام الفاضي ده. بس مين يسمع يا والدي!
المهم بقى كان فيه ذات مرة واحد موسيقي صاحبي رايح يعزف في الأوركسترا ده، بدعوة رسمية، وكل حاجة رسمي رسمي، إنما مسؤول مين في أكاديمية إيه ما كانش عاجبه إن الواد ده يروح ينحت برا كده مع دانييل بارينبويم، وبعدين “ف وقت الدراسة”، ويروح كده “مع الصهاينة” كده عيني عينك كده ف وضح النهار، ده إيه الفجر ده؟ إسرائيليين؟ ويهود؟ وما تعرفش بقى بيعملوا إيه؟ بينيلوا إيه؟ يشربوا مع بعض، ولا ينطوا على بعض.. قلة أدب وسفالة!! قوووم المسؤول الهمام راح واخد بعضه من سكات، ومن غير ما حد يعرف وراح مبلغ جهة أمنية.. 
قوم راحت الجهة الأمنية طبعا استدعت الواد، والضابط ذات نفسه استغرب من تصرف “المسؤول الثقافي”، اللي بيبلغ عن ولاده في الأكاديمية، لحسابات شخصية مش لحاجة تانية.. قوم الضابط اتعاطف مع الواد الصغير، وقال له: سافر يا بني، ولو حد وقف ف سكتك تاني تعالى بلغني!. وقد كان.
قوم الدنيا تلف وتدور بقى يا أخ منعم، وييجي دانييل بارينبويم، يقود الأوركسترا بتاعنا.. وقوم ذات نفس المسؤول في ذاك الوقت بالصدفة كان بيشتغل ما أبصر في علاقات عامة إيه، ولا ماسك إدارة إيه، المهم كان منوط بيه إنه يستقبل القائد العظيم.. وما أقولكش بقى على الأحضان والقبلات والحب والهيام والغرام .. هو ذات نفسه والمصحف الشريف يا منعم، مش حد تاني.
في الوقت ده بقى طلعت بقى ناس تانية في حتت تانية بتصفي حسابات تالتة.. طلع عمك المسلماني، على ما اعرفش مين وكل مذيع ساعتها كان بيقول اسم شكل للأوركسترا بتاعنا، يعني واحد يقول لك: أوكسترا الأوبرا، والتاني أوركسترا الأوبرا السيمفوني، والتالت أوركسترا القاهرة الأوبرا..أي عبط، لا حد فاهم هو بيتكلم عن إيه، ولا حد حضر للأوركسترا ده في يوم من الأيام، ولا يعرفوا عدده، ولا مكانه، ولا وظيفته، ولا طبيعة وظيفته، ولا المزيكا اللي بيعزفها، ولا مين دانييل بارينبويم، ولا أي حاجة في أي حتة بتاتا. كله طلع ساعتها يفت في الفتة.. كل واحد يطلع يطرش الكلمتين اللي حافظهم، وعارفهم، ويحاول على قد ما يقدر يحط كلمات "التطبيع" و"العدو الصهيوني" في جمل مفيدة علشان يجيب مشاهدات، ولا حد فكر بشلن في مغزى الزيارة، اللي هي روخره ما كانتش لوجه الله بالمناسبة السعيدة، علشان نبقى منصفين يعني. 
الزيارة كان عاملها الفنان فاروق حسني، علشان يغطي على تصريح كان قاله زمان ضد اليهود، وعايز يصالحهم يعني، فجايب دانييل بارينبويم، كفتح آفاق للتطبيع يعني، علشان كان مترشح لليونيسكو.. بمنتهى البساطة والسذاجة والهبل.. وهو ده يا عزيزي جوهر الصراع العربي الإسرائيلي.. إحنا بنشتغل بعض على حس الصراع، لا حد بيصارع، ولا حد بينيل، كله بياكل عيش وشكرا.

5


لما تتفرج بقى على اللي بيحصل في الشرق الأوسط دلوقتي، وتشوف أطراف الصراع، ومحور المقاومة، وموقف حزب الله، موقف الجماعات الإسلامية المتطرفة، موقف حماس والفصايل، وموقف اليمين الإسرائيلي المتطرف.. لما تدقق كده في الصورة، هتلاقي إن الصراع العربي الإسرائيلي الكلاسيكي، اللي هو كان بيتكلم عن قضية واضحة ومحددة، أرض محددة بخطوط طول وعرض، وخرايط دقيقة بتقول مين خد إيه إمتى وإزاي، وإيه هيرجع إمتى وإزاي، والنضال سقفه كذا وهدفه كذا وقضيته كذا.. هتلاقي إن الصراع ده اختفى مع ظهور الحركات الإسلامية ودخولها على الخط، والحركات الإسلامية ما اتأسستش بمعزل عن الاستعمار القديم والجديد وإسرائيل، بمعنى إن إسرائيل بالتأكيد كان ليها يد في زرع الحركات الإسلامية، وتحويل النضال إلى “جهاد”، النضال في سبيل قضية واضحة ومحددة، وبجدول زمني، ومسار يفضي في النهاية لتفاوض ما، وحلول عملية على الأرض، إلى جهاد عام جامع واسع شامل، تدخل فيه على الخط ماليزيا وموريتانيا والفلبين والأقلية المسلمة في الصين، ومسلمي الروهينغا، وكافة قضايا المسلمين اللي هي وصلت ذروتها بنشوء ما يسمى بـ “الدولة الإسلامية” في العراق والشام، وتحويل قضية الخلافة لكاريكاتير العالم بيعاني وهيفضل يعاني منه لأجل غير مسمى. ودلوقتي ضاعت القضايا، وضاعت المفاهيم، وتفرعت وتشرذمت الفصايل مش بس ما بين الضفة وغزة، إنما ما بين سوريا والعراق وليبيا واليمن.. وبقى كل الناس بتتاجر بـ “القضية الفلسطينية”، وفي واقع الأمر، كل واحد بيحاول يعلي صوته عن التاني علشان يجيب فلوس لمقاتليه، ويجيب سلاح، علشان ياخد بيه أرض أوسع علشان يقدر إنه يسيطر على حي أو اتنين تلاتة زيادة يقدر من خلالهم إنه يبسط سيطرته على منطقة أوسع من المدينة/المحافظة/البلد اللي هو منها.. من غير حتى ما يفتكر ولو صدفة إن “العدو الصهيوني” آمن ومستقر وعايش فل الفل. 
وأول ما تيجي سيرة بيانيست غلبان رايح يعزف في موسكو، وكاتب على الأفيش بتاعه “سليم أشقر - إسرائيل” يتزرزر، ويطلع، ويكتب بوستات، ويصرخ بعلو حسه “لا للتطبيع”، “الموت للخونة”، “الموت للعملاء”.

الحقيقة الماثلة أمامي الآن إنه لم يعد هناك صراع عربي إسرائيلي، بقى فيه صراع عربي عربي باستخدام إسرائيل ذريعة لقتل أخيك العربي. وإسرائيل زي الفل، نجحت في إنها تزرع جرثومة الدين ما بين العرب وبعضهم، وسابتهم يطحنوا ف بعض.

6


زي ما قال في الإنترفيو بتاعه.. الثقافة قبل السياسة.. واحنا بنعمل التاريخ.. سليم أشقر إنسان وفنان جميل بيعزف بيتهوفن وموتسارت، وما لوش دعوة بالعك ده، خلينا نتعامل معاه على إنه فنان.. إنسان وكفى.. بصرف النظر عن كونه فلسطيني الأصل والنشأة والثقافة، أو إسرائيلي الهوية والأوراق. 

Comments

Popular posts from this blog

سوسن

الفيسبوك - الحلقة الثانية

حكاية حمادة