Posts

التعافي من مخدر الفيسبوك

تتناقص نسبة وجود المخدر في دمك، يشح وجوده في جسدك، وتتسرب إلى عقلك حقيقة أنه في طريقه للاختفاء.. ينفض المولد في لحظة خائنة، في عز العنفوان والعربدة والصخب والجلبة، حيث تقف على آخر المستجدات في كل لحظة، وتتابع كل “ تريند ” ، وتناقش وتناطح وتعاتب وتحب وتكره وتضحك وتبكي في ظل سعادة افتراضية، تضخ في عروقك دائما نسبة من الأدرينالين، الذي يختفي مع اختفاء موقع التواصل الاجتماعي الأكبر في التاريخ “ فيسبوك ” . مع مرور اليوم الثاني بلا “ فيسبوك ” ، تواجه حقيقة أنك أنت.. ولست الآخر الذي تريد أن تكون، أو لست الآخرين الذين تتمنى أن تكون، ممن ترسمهم في مخيلتك على الموقع الافتراضي، وتتلقى في التو واللحظة ردود فعل من عشرات، ربما مئات المعجبين، أو الغاضبين، أو الحزانى كما تتيح اختيارات الإعجاب. وتظل تتحرك بين منشور صعد لأعلى، وآخر لم يهتم به أحد، بين فكرة لامعة راودتك، وأخرى عادية، لم “ تلمّس ” مع الجماهير.. ومن هم الجماهير؟ إنهم دوائرك القريبة، فالأبعد فالأبعد.. دوائر تتقاطع، وتتبادل الأفكار، و ” المشاعر ” ، والمعايدات..   لقد قضيت على الفيسبوك زهاء 12 عاما، ولا أندم على لحظة م...

الخروج من الجنة

وهكذا خرجت من جنة "الفيسبوك" إلى فضاء الشارع الواسع، مغضوب عليا، منفي، مطرود..  حاجتين فكرت فيهم اليومين اللي فاتوا دول..  أول حاجة فكرت في فترة من فترات شبابي لما كنت عايش في مدينة بطرسبورغ العظيمة. أول سنة عشت في المدينة الجامعية، وبعدين تلات سنين عشت في شقة مع واحدة عجوزة وابنها، وبعدين آخر سنتين عشتهم لوحدي تماما، في شقة مكونة من أوضة واحدة. كان فيها ميزتين.. الميزة الأولانية ما كانش فيها تليفون، والميزة التانية ما كانش فيها تلفزيون. في الأول كنت مخضوض، ومش قادر أتخيل هاعيش كده إزاي. بس اكتشفت ميزة رائعة في المكان..  أولا ما حدش بيقتحم خصوصيتك إلا الأشخاص القريبين منك جدا، لإن أي حد هيخبط مشوار لحد عندك، عارف إنك ممكن ما تبقاش موجود، وبالتالي هيسيب لك رسالة في الباب. وتاني حاجة الانعزال عن العالم الخارجي في زمن الحرب على الشيشان، والتغيرات الكبيرة اللي كانت بتحصل روسيا/الاتحاد السوفيتي والعالم في الوقت ده، كانت نعمة كبيرة ما عرفتش قيمتها إلا بعدين. بعد ما رجعت مصر، قررت إني أكمل في السكة دي.. من غير تليفون ومن غير تليفزيون، وقدرت على التاني، إنما ما قدرت...

فيسبوك طردني

Image
ثم كانت الواقعة..  فيسبوك كلموني امبارح وقالوا لي إني زي ما أكون غلطت ف حد، عملت بوستات قبيحة، كراهية بقى إرهاب ما تفهمش. جيت بالصدفة أطلع فيديو لايف، قالوا لي ما ينفعش لحد 11 ديسمبر. ليه يا جدعان؟ حصل إيه؟  ما فيش خمس دقايق، وراحوا طالبين مني صورة الباسبور، وباعتين لي كود على الموبايل، دخلته علشان يطلع لي صندوق كده أحط الباسبور يروح ماسحه.  حصل، وقالوا لي: شوية بقى يا كابتن ونرد عليك.  وعنها اختفيت واختفى زهاء 12 سنة بروفايل باعمله من سنة 2007. وظهر بدالها الصورة دي: ما فيهاش حاجة الحقيقة.. بتحصل، وبيحصل أكتر من كده كمان. الحمد لله على كل شيء. بس المدهش إن ده يحصل يوم عيد ميلادي الـ 51. زي ما تكون رسالة، وأنا باموت في الرسايل.. أو حتى في تخيل الرسايل، وإنك تعيش في جو الغموض بتاعها، وإن فيه حاجة المفروض تحصل النهارده وهنا ودلوقتي، ما كانتش بتحصل قبل كده. غالبا أنا لازم أخرج من شرنقة الفيسبوك.. فيه حاجة بتحصل غلط، غالبا فيه حاجات أنا مش المفروض أضيع عليها وقت في السن ده، ولازم ألتفت لحاجات تانية.  وهو كذلك.  نرجع مرجوعنا الأولاني، و...

الوطن والفتة والعيال

إبراهيم موظف مكتب الصحة في المنصورة اللي بيموت في دباديب السيسي وعنده استعداد إنه يضحي بحياته علشانه المفروض أنه بكل موضوعية وإنكار ذات يطلع شهادة ميلاد لطفل أبوه أخوانجي وش وأمه ضاربة تلاتين نقاب فوق بعض، كذلك لما صحفي محترم ينزل مهمة الجرنال مكلفه بيها، المفروض إنه يقلع الذاتية اللي لابسها، ويتجرّد من كونه محمود الأخواني من طنطا وبيعمل إنترڤيو لواحد من اللي نزلوا تلاتين يونيو علشان يطلعوا دين أم الأخوان وبيكرهوهم عمى. ده مش معناه خالص إن إبراهيم لما طلع الشهادة بيساعد الأخوان، ولا إن محمود بيعرّص للإنقلابيين، ده معناه إن كل واحد بيشوف شغله بعيد عن تسييس الحياة والعيشة واللي عايشينها. قبل ٢٥ يناير كان عندنا مشكلة إن الناس عالقهاوي وفي البيوت مالهاش سيرة غير الكورة، ومافيش حاجة تهمها ولا تحركها غير الكورة، بعد ٢٥ يناير، وبالذات بعد ٣٠ يونيو الناس اتهبلت عالسياسة لدرجة إن حتى العشاير والقبايل والعيلات اتقسمت ما بين أخوانجية وبيحترموهم وانقلابيين وسياساوية، ناهيك طبعاً عن الأوصاف الباقية بتاعة العملا والخونة والطابور الخامس والجواسيس واللي بيقبضوا باليورو والدولار. مش بس...

المرأة والثورة

حينما سادت الثقافة الأمومية (نسبة إلى الأم) آمن الإنسان بأن المرأة هي أصل الكون، ففيها تنبت بذرة الإنسان، وإليها يسكن الرجل، ونحوها تتوق وتشتعل الرغبة، وعنها ينسج الفنان حكاياته وقصائده، لم ترتبط الرغبة والمتعة بالحمل فكان الحمل لغزاً يحمّلها رهبة وغموضاً عجز الإنسان عن سبر أغواره فسجد له.. ولم لا ومن جسدها تولد الحياة، ومن صدرها يأتي الحليب، وتنتظم دورتها الشهرية مع دورة القمر، وعاطفتها المحمومة نحو وليدها هو عاطفة الأرض نحو زرعها. كانت المرأة تجسداً للأرض، وتعبيراً عن ثقافة الزراعة فتحبل بالبذور لتطرح الثمار، فكانت منشأ الأشياء ومردّها.. لذلك كانت عشتار إلهة الجنس والحب والجمال والتضحية عند البابليين، وكانت إنانا عند السومريين، وعشاروت عند الفينيقيين، وأفروديت عند اليونان وڤينوس عند الرومان. حينما اكتشف الإنسان العلاقة الشرطية بين الجنس والحمل، وبين الجماع والإنجاب لم يعد الجنس هدفاً وسبباً للمتعة فحسب، بل أصبح وسيلة للإنجاب فهبطت المرأة من علياء سموّها وقدسيتها بوصفها مانحة اللذة وواهبة الحياة ومرضعة الإنسان إلى وعاء البذور التي يلقيها الرجل، وبقرة الإرضاع، وبهيمة العشر، و...

ماذا يريد خودوركوڤسكي؟

تأتي الإشاعات التي أحاطت باختفاء الرئيس ڤلاديمير بوتين نتيجة طبيعية للتصعيد الذي يمارسه ضده الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية مع قليل من التأفف الذي تبديه دول في الاتحاد الأوروبي مثل ألمانيا وفرنسا، فقد حسم الغرب أمره بشأن بوتين، وقرر ( من جانب واحد ) التخلص من بوتين، كما قرر أن الشعب الروسي ليس من حقه أن يختار رئيساً يدخل بروسيا ( من وجهة نظرهم ) في أتون الحرب من أجل أمنهم القومي، ومن أجل استقلال الإرادة السياسية الروسية عن السياسات الأوروبية المنسحقة أمام إرادة الناتو بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية التي لازالت تعيش منذ انهيار الاتحاد السوڤيتي في وهم هيمنة القطب الواحد، وصياغة العالم وفقاً لحلم “ القرن الأمريكي ” .  لا أتصور عاقلاً ملماً بالحد الأدنى من المعلومات عن السياسة الدولية وقواعد الجغرافيا والتاريخ يتوقّع أن تشاهد روسيا إزاحتها من البحر الأسود، بعد إزاحتها من المتوسط والشرق الأوسط في وقت سابق، باطمئنان وهدوء، وألا تحرّك ساكناً إزاء تمدد الناتو شرقاً نحو أوكرانيا لمسافة تبعد عن وسط العاصمة الروسية ٦٠٠ كيلومتر فقط لاغير. ولا أتصور محللاً إستراتيچياً يظن...

كان ماركس محقاً

مقال  شون مكيلوي ٣٠ يناير ٢٠١٤ كان ماركس محقاً : خمس حقائق تكهن بهم كارل ماركس، تتحقق في ٢٠١٤ من " آي فون ٥ إس " وحتى عولمة المؤسسات الكبرى، تمتلئ الحياة العصرية بأدلة على صحة تنبؤات ماركس يدور الحديث في الآونة الأخيرة حول ماركس، وتكاد تشتم رائحته في الهواء، بداية من راش ليمبو الذي اتهم البابا فرانسيس بالدعوة إلى " الماركسية الفجة " ، إلى الصحفي بجريدة واشنطن تايمز الذي ادعى أن عمدة مدينة نيويورك مايور بيل دي بلاسيو هو " ماركسي غير نادم ". لكن قليل من الناس يفهم بالفعل  نقد كارل ماركس الواضح المحدد للرأسمالية. كثيرون يعرفون على نحو مبهم عن التوقع الاقتصادي الجذري الذي توقعه ماركس بأن الشيوعية سوف تحل محل الرأسمالية، لكنهم كثيراً ما يعجزون عن فهم السبب في ذلك. وبينما كان ماركس مخطئاً حول بعض الأشياء، فإن كتاباته ( والتي يعود الكثير منها إلى ما قبل الحرب الأهلية الأمريكية ) تتوقع بدقة العديد من الجوانب للرأسمالية المعاصرة، من الكساد الكبير وحتى هاتفك المحمول ماركة " آي فون ٥ إس " الذي تحمله في جيبك. ها هي الحقائق الخمسة في حيات...