Posts

كان ماركس محقاً

مقال  شون مكيلوي ٣٠ يناير ٢٠١٤ كان ماركس محقاً : خمس حقائق تكهن بهم كارل ماركس، تتحقق في ٢٠١٤ من " آي فون ٥ إس " وحتى عولمة المؤسسات الكبرى، تمتلئ الحياة العصرية بأدلة على صحة تنبؤات ماركس يدور الحديث في الآونة الأخيرة حول ماركس، وتكاد تشتم رائحته في الهواء، بداية من راش ليمبو الذي اتهم البابا فرانسيس بالدعوة إلى " الماركسية الفجة " ، إلى الصحفي بجريدة واشنطن تايمز الذي ادعى أن عمدة مدينة نيويورك مايور بيل دي بلاسيو هو " ماركسي غير نادم ". لكن قليل من الناس يفهم بالفعل  نقد كارل ماركس الواضح المحدد للرأسمالية. كثيرون يعرفون على نحو مبهم عن التوقع الاقتصادي الجذري الذي توقعه ماركس بأن الشيوعية سوف تحل محل الرأسمالية، لكنهم كثيراً ما يعجزون عن فهم السبب في ذلك. وبينما كان ماركس مخطئاً حول بعض الأشياء، فإن كتاباته ( والتي يعود الكثير منها إلى ما قبل الحرب الأهلية الأمريكية ) تتوقع بدقة العديد من الجوانب للرأسمالية المعاصرة، من الكساد الكبير وحتى هاتفك المحمول ماركة " آي فون ٥ إس " الذي تحمله في جيبك. ها هي الحقائق الخمسة في حيات...

سميحة

كانت تضع على وجهها الكثير من المساحيق، وتلبس كعباً عالياً يرفع مؤخرتها ويجعل مشيتها مميزة في شارع شبرا كلما خرجت إلى محل عملها في مصلحة الكيمياء أو لتقضي بعض حوائجها، لكنها كانت تقتصد في مساحيق التجميل حينما تذهب إلى الكنيسة، ومع ذلك فإن عينيها كانت دائماً ما تفضحها بالرغبة التي تتأجج مع كل عام يمر دون زواج. لا تصدق سميحة أنها أتمت الخمسة والثلاثين دون أن تتزوج، لم تصدق منذ خمس سنوات أنها تدخل العقد الرابع بسرعة واندفاع، بل ومرت خمس سنوات طويلة وحيدة باردة، ولم يتقدم لخطبتها مخلوق، عقارب الزمن تنحت رقبتها المدكوكة أساساً، وتكسبها ترهلاً يزيدها دمامة، ويتلون تحت عينيها باللون الأسود المقيت، وتتراكم الأتربة فوق البيانو المغلق في غرفة الصالون، ويفقد مع كل يوم يمر وظيفته كجهاز للعروسة كما فكرت فيه يوماً والدتها، وأقنعت والدها أن يشتريه. لقد أصبحت تخاف غرفة الصالون، فالبيانو يقلب عليها المواجع.. ذلك الصندوق الأسود الذي يشبه في قتامة لونه ورائحته تابوتاً دفنت فيه أحلامها عن حياة عائلية سعيدة، وأطفال تتعلم البيانو على يد مدرس أرميني…لم تلمسه يوماً، وكل محاولات تعليم البيانو بائت بالف...

مطار القاهرة

" الأستاذ نجيب رسمي عبد الملاك … نجيب رسمي عبد الملاك، برجاء التوجه لبوابة الخروج رقم ٣ " - لازال تلك الصوت يرن في أذني بعد مرور أربعين عاماً على تلك اللحظات الحزينة الراكدة في قاع الذاكرة، وكأن المرور بتلك البوابات حجر يلقى في مياه الذاكرة فيثير تلك الذكريات دون غيرها، لازالت تلك الكآبة تحيط بي كلما مررت من بوابات الخروج من الوطن، ومع أن المطار قد أصبح مطاراً آخر غير الذي شهد وقائع الرحلة الأولى إلى الخليج، وأصبحت رائحة السوق الحرة مختلفة، وبضائعها مختلفة، بل وأصبحت أطير في درجة رجال الأعمال بدلاً من الدرجة السياحية، وأصبح هناك مغريات كثيرة للسفر، غير التي دفعت المحاسب / نجيب رسمي عبدالملاك إلى السفر للعمل في الخليج، إلا أن المطار لازال يحمل تلك الذكرى المؤلمة بينما جاءت جدتي من المنيا لتودعنا في المطار، وكان علي أن أفارقها للمرة الأولى في حياتي، وانخرطت في بكاء عنيف، نهرني عنه أبي، بينما كان يدافع عن نفسه كي يمسك بالبقية الباقية من رباطة جأشه أثناء إجراءات السفر الحزين. لم يكن لدي فكرة وقتها عما يمكن أن يدفع إنساناً للسفر بعيداً عن وطنه، كنا نعيش في شقة ...

عذوبة الفاشية

Image
بهدوء وتركيز تتسرب الفاشية إلى أرواحنا … ما أعذبها ! كم كنا نكره ذلك الضمير على أية حال ... دعه يحترق الآن، لا مكان لصوته المزعج، دعنا الآن نغني سوياً أغاني الحرب، ونرقص رقصات الحرب .. كم مجنونة هي، وكم مبهرة … تلك الحرب، التي تنزع عن الأشياء أشباه الألوان، وتلوّن الحياة بألوانها الحقيقية … لكم أصبحت الأشياء أجمل وأنقى، كم أصبح الأطفال أهدأ وأحن علينا مما مضى، كم أصبحت أجساد نسائنا أطرى وأنعم ... دعنا نمارس متعة القتل، ونستمتع بالعنف وجمال اللون الأحمر، دعنا نستعذب صوت القتلى بينما تخترق رماحنا   قلوبهم ... ما أجمل القتل حينما يكون تحت شعار الرب .. .. شرعية الرب أو وكيله، أو شرعية الأرض، أو شرعية الشعب، أو شرعية الوطن .. ما الفارق؟ ! سنموت عاجلاً أو آجلاً .. لكن الموت بهدف ومن أجل قضية أمر أرقى وأسمى Vasilii Verishagin 1842-1904 (apotheosis of war)   هيا بنا نموت يا صديقي، نحتضن بعضنا البعض، ويصوب كلانا مسدسه نحو رأس الآخر، فتموت من أجل ربك، ...

في رثاء أولجا يسى

لا زال صوتها يرنّ في ذاكرتي السمعية، حتى بعد أن امتلأت تلك الذاكرة بملايين النغمات الموسيقية التي كوّنت وتكوّن تاريخي الفني، وشخصيتي الموسيقية، لازلت أتذكّر تلك الكلمات القادمة من الجانب الآخر من شقتنا الكائنة بوسط المدينة، وهي تمسك بي متلبساً : - رمزي، لم أسمع شهقتك في بداية المازورة .. تذكّر يا حبيبي أن السكتة جزء من الموسيقى لا صمت عاطل كانت تتحدث وقتها عن اختراعات باخ ذات الصوتين، وكنا قد بدأناها سوياً لتونا، بعد انتهائنا من عدة مقطوعات من مجلد " آنا ماجدلينا " ليوهان سيباستيان باخ، لا زلت أذكر الحصة الأولى، وهي تشهق بصوت عال في بداية المازورة كي تؤكّد لى أن الموسيقى لا تبدأ من النصف الثاني للضلع الأول حيث توجد النغمة الأولى، بل تبدأ من النصف الأول للضلع الأول مباشرة، حيث توجد السكتة، التي نضع بدلاً عنها تلك الشهقة المسموعة . لقد مرت عشرات السنوات، قبل أن أفهم ذلك الدرس العميق حينما درست مع أستاذي الروسي في كونسيرڤاتوار موسكو، كان علي أن أسمع ملايين النغمات، وأقرأ ملايين الكلمات، وأمر بعشرات التجارب، حتى يتسنّى لي بعد تلك السنوات أن أعود لتلك اللحظات ا...

حكاية شعبية

بهية كل يوم تعدي قدام عبفتاح الفتوة في الرايحة والجاية تصبح عليه، وهو يبص عليها من فوق لتحت، وعارف أصلها وفصلها، وعارف اللي ماحدش غيره عارفه عنها. وفي يوم من ذات الأيام دبت عاركة بين العيال حمادة وبديع، الاتنين عينهم منها، والاتنين قفشوا ف بعض ألا لازم يعقدوا عليها، وهي كانت بتسبل للاتنين، ومعشماهم الاتنين...الفتوة وقف في وسط الحارة ولمّ الناس وحكى لهم الحكاية، وقال لهم: دلوقتي بهية في سن الجواز، واللي عنده المكنة هو اللي يتجوزها. حمادة حلو وشاب، وبيحبها، بديع كبير وبكرش ونفسه فيها من سنين طويلة...بديع راح مطلع من جيبه خمسميت جنيه، وقال للفتوة، الشقة عندي، وآدي مهرها يا معلم، وآدي كمان حسنتك... خلص الموضوع، وبديع راح عند المأذون وعقد على بهية، في حضور الشهود، وراح جابها من بيت أبوها وهمه ماشيين، وهو مش قادر على جمالها، يقرصها، تتلوى قدامه، يعاكسها، تضحك بصوت عالي وتلمّ خلق ربنا، وكل الحارة تتفرج على بديع أبو كرش، وهو واخد بهية الجميلة الصغيرة اللي جمالها يحل من على حبل المشنقة، وهمه داخلين على العمارة كانت الحارة كلها بتبص من الشبابيك، وأول ما دخلوا من باب البيت، راح ب...

المواطن-الكنبة-الأمل

كان الأمل يدغدغ مشاعر حزب الكنبة ممن وقّعوا على وثيقة التمرد، وممن كانوا يرغبون في أن يقوم آخرون عنهم بالمهمة، مهمة التخلص من الأخوان الممثلين لحكم ديني فاشي، يبدو كأخطبوط على وشك أن يمسك بزمام الدولة ليحولها إلى إمارة، أو عاصمة لخلافة وهمية برعاية السيد الأمريكي وتابعه الإسرائيلي اللذان يريان في دماء العرب وقوداً ملهماً لمزيد من الدماء، ومزيد من القتل والدمار والتقسيم في الجسد العربي الجريح. أقول أن الكنبة، وعموم الشعب المصري، وقد قام بتوريط نفسه وكتابة رقم بطاقته وتوقيعه على وثيقة التمرد، ظن أنه بذلك قد قام بدوره، وأدى ما عليه، وجاء دور حماة الشرعية من المؤسسات السيادية التي يتغنى كثيراً بالتحاق أبنائه بها، فكم منا لم يفاخر بأن إبنه مقدم في الشرطة أو رائد في الجيش، أو يعمل في جهة سيادية غامضة تنقل إليه من داخل الجهاز معلومات خطيرة غير متاحة للعامة من الشعب. كان المواطن التقليدي من العامة، من الكنبة، من الجمهور قد تعود على استقاء معلوماته وتشجيع فريق الكرة الخاص به من على كنبة وسط الصالة في انتظار قنبلة مدوية تثير شهية فضوله، أو مؤامرة سياسية كبيرة، يشبع من خلالها غريزة القتا...